ذلك أصحابه فيلتقطونه له فيأكله، ويقول: إنه يذهب بأكلة الأسنان، وكان صلى الله عليه وآله يغسل يديه من الطعام حتى ينقيهما، فلا يوجد لما أكل ريح، وكان صلى الله عليه وآله إذا أكل الخبز واللحم خاصة غسل يديه غسلا جيدا، ثم مسح بفضل الماء الذي في يده وجهه، و كان صلى الله عليه وآله لا يأكل وحده ما يمكنه، وقال: ألا أنبئكم بشراركم؟ قالوا: بلى، قال: من أكل وحده، وضرب عبده، ومنع رفده (1).
* (في صفة أخلاقه في مشربه صلى الله عليه وآله) * وكان صلى الله عليه وآله إذا شرب بدأ فسمى، وحسا (2) حسوة وحسوتين، ثم يقطع فيحمد الله، ثم يعود فيسمي، ثم يزيد في الثالثة، ثم يقطع فيحمد الله، وكان له في شربه ثلاث تسميات، وثلاث تحميدات، ويمص الماء مصا، ولا يعبه (3) عبا، ويقول: إن الكباد من العب، وكان صلى الله عليه وآله لا يتنفس في الاناء إذا شرب، فإن أراد أن يتنفس أبعد الاناء عن فيه حتى يتنفس، وكان ربما شرب بنفس واحد حتى يفرغ، وكان صلى الله عليه وآله يشرب في أقداح القوارير التي يؤتى بها من الشام، ويشرب في الاقداح التي يتخذ من الخشب، وفي الجلود، ويشرب في الخزف، ويشرب بكفيه، يصب الماء فيهما ويشرب، ويقول: ليس إناء أطيب من اليد، ويشرب من أفواه القرب والأداوي، ولا يختنثها اختناثا، ويقول: إن اختناثها ينتنها، وكان صلى الله عليه وآله يشرب قائما، وربما شرب (4) راكبا، وربما قام فشرب من القربة أو الجرة أو الإداوة، وفي كل إناء يجده وفي يديه، وكان صلى الله عليه وآله يشرب الماء الذي حلب عليه اللبن، ويشرب السويق.
وكان صلى الله عليه وآله أحب الأشربة إليه الحلو، وفي رواية أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله الحلود البارد، وكان يشرب الماء على العسل، وكان يماث (5) له الخبز فيشربه أيضا، و