كاد أن يغشى عليه، ثم وثب فقال: أوه أوه هلكت النصرانية والمسيح، ثم قام واتكى على صليب من صلبانه وهو مفكر، وحوله ثمانون رجلا من البطارقة والتلامذة، فقال لنا: فيخف عليكم أن ترونيه؟ فقلنا له: نعم، فجاء معنا فإذا نحن بمحمد صلى الله عليه وآله قائم في سوق بصرى، والله لكأنا لم نر وجهه إلا يومئذ، كأن هلالا يتلألأ من وجهه، قد ربح الكثير واشترى الكثير، فأردنا أن نقول للقسيس هو هذا فإذا هو سبقنا فقال: هو هو، قد عرفته والمسيح، فدنا منه وقبل رأسه، وقال له: أنت المقدس.
ثم أخذ يسأله عن أشياء من علاماته، فأخذ النبي صلى الله عليه وآله يخبره، فسمعناه يقول: لان أدركت زمانك لأعطين السيف حقه، ثم قال لنا: أتعلمون ما معه؟ معه الحياة والموت، من تعلق به حي طويلا، ومن زاغ عنه مات موتا لا يحيى بعده أبدا. هو الذي معه الذبح الأعظم به (1) ثم قبل وجهه ورجع راجعا (2).
8 - وعنه باسناده، عن بكر بن عبد الله الأشجعي، عن آبائه، قالوا:
خرج سنة خرج رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الشام، عبد مناة بن كنانة (3)، ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن نفاثة بن عدي (4) تجارا إلى الشام، فلقيهما أبو المويهب الراهب، فقال لهما: من أنتما؟ قالا: نحن تجار من أهل الحرم من قريش، فقال لهما: من أي قريش؟ فأخبراه، فقال لهما:
هل قدم معكما من قريش غيركما؟ قالا: نعم شاب من بني هاشم اسمه محمد صلى الله عليه وآله، فقال أبو المويهب: إياه والله أردت، فقالا: والله ما في قريش أخمل ذكرا منه، إنما يسمونه يتيم قريش، وهو أجير لامرأة منا يقال لها خديجة فما حاجتك إليه؟ فأخذ يحرك رأسه ويقول: هو هو فقال لهما -: تدلاني