كان من الغد أقبلوا ينظرون إلى العقبة، ويقولون: هذه الشمس تطلع الساعة.
فبينا هم كذلك، إذ طلع عليهم العير حين طلع القرص، يقدمها جمل أحمر، فسألوهم عما قال رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا: لقد كان هذا ضال لنا في موضع كذا وكذا، وضعنا ماء فأصبحنا وقد أريق الماء، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا (1).
فاجتمعوا في دار الندوة، وكتبوا بينهم صحيفة، أن لا يؤاكلوا بني هاشم، ولا يكلموهم، ولا يبايعوهم، ولا يزوجوهم، ولا يتزوجوا إليهم، ولا يحضروا معهم، حتى يدفعوا محمدا إليهم فيقتلونه، وإنهم يد واحدة على محمد، ليقتلوه غيلة أو صراحا.
فلما بلغ ذلك أبا طالب، مع بني هاشم، ودخل الشعب، وكانوا أربعين رجلا، فحلف لهم أبو طالب بالكعبة، والحرم، والركن، والمقام، لئن شاكت (2) محمدا شوكة لآتين عليكم يا بني هاشم، وحصن الشعب، وكان يحرسه بالليل والنهار، فإذا جاء الليل، يقوم بالسيف عليه، ورسول الله صلى الله عليه وآله مضطجع، ثم يقيمه ويضطجعه في موضع آخر، فلا يزال الليل كله هكذا، ووكل ولده، وولد أخيه به، يحرسونه بالنهار، وأصابهم الجهد، وكان من دخل من العرب مكة، لا يجسر أن يبيع من بني هاشم شيئا، ومن باع منهم شيئا انتهبوا ماله.
وكان أبو جهل، والعاص بن وائل (3) والنضر بن الحارث بن كلدة (4)،