ما توجبه الدراية، قال وانصرف البصري، ولم يجر خطاب يورد البتة (1) قال المفيد رضي الله عنه، قلت: أيها الشيخ مسألة، فقال: هات مسألتك، فقلت: ما تقول فيمن قاتل الإمام العادل؟ فقال يكون كافرا، ثم استدرك فقال: فاسق (2)، فقلت: ما تقول في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؟ فقال: إمام، قال:
قلت: فما تقول في يوم الجمل، وطلحة، والزبير؟ فقال تابا، فقلت: أما خبر الجمل فدراية، وأما خبر التوبة فرواية، فقال لي كنت حاضرا وقد سألني البصري؟ فقلت نعم، رواية برواية، ودراية بدراية، فقال بمن تعرف، وعلى من تقرأ؟ فقلت أعرف بابن المعلم، واقرأ على الشيخ أبي عبد الله الجعل، فقال موضعك، ودخل منزله، وخرج ومعه رقعة قد كتبها والصقها، وقال (3) لي أوصل هذه الرقعة إلى أبي عبد الله، فجئت بها إليه، فقرأها، ولم يزل يضحك هو ونفسه (4) ثم قال أيش جرى لك في مجلسه، فقد وصاني بك، ولقبك المفيد، فذكرت له المجلس بقصته، فتبسم، وكان يعرف ببغداد بابن المعلم.
فما رواه في كتاب العيون والمحاسن، قال أخبرني أبو الحسن، أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبد الرحمن، عن بعض أصحابه، عن خثيمة، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام، قال دخلت عليه أودعه، وأنا أريد الشخوص إلى المدينة، فقال أبلغ موالينا السلام، وأوصهم بتقوى الله، والعمل الصالح، وأن يعود صحيحهم مريضهم، وليعد غنيهم على فقيرهم، وأن يشهد حيهم جنازة ميتهم، وأن يتلاقوا في بيوتهم، وأن يتفاوضوا علم الدين، فإن في ذلك حياة لأمرنا، رحم الله عبدا أحيى أمرنا (5)، واعلمهم، يا خيثمة أنه لا يغني عنهم من الله شيئا إلا العمل الصالح، فإن ولايتنا لا تنال إلا بالورع، فإن أشد الناس عذابا يوم القيامة من وصف عدلا ثم خالفه إلى غيره (6).