رسالة في معنى المولى - الشيخ المفيد - الصفحة ٣٧
" فصل " وقد كنت ذكرت بعد انصرافي من المجلس شيئا من كتاب غريب القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى (1)، يبطل دعواهم التي اعتمدوها، وتغلطهم فيها، ذاكرت بها بعضهم بعد ذلك، وهو أن أبا عبيدة وظاهر أمره ومذهبه المشهور الخلاف على الشيعة، والمضادة لهم، قال في كتاب غريب القرآن، في تفسير قوله عز وجل، في سورة الحديد: (هي مولاكم) أي أولى بكم، قال لبيد (2):
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه * مولى المخافة خلفها وأمامها هذا لفظه بعينه، في كتابه بعينه، لا زيادة فيه ولا نقصان منه، ولولا أن أبا عبيدة لم يخطر بباله عند تفسير هذه اللفظة بهذا التفسير ما للشيعة من التعلق في إمامة أمير المؤمنين عليه السلام ما صرح به ولكتمه كسلفه وإخوانه ومضى على سنتهم، والله ولي الحمد في إتمام نوره ولو كره المشركون.

(١) أبو عبيدة، معمر بن المثنى التيمي بالولاء، البصري النحوي، ولد في البصرة سنة ١١٠ هجرية، كان من أئمة العلم بالأدب واللغة، قال الجاحظ: لم يكن في الأرض أعلم بجميع العلوم منه، له نحو ٢٠٠ مؤلف، مات بالبصرة أيضا سنة ٢٠٩ هجرية وقيل غير ذلك، أنظر تاريخ بغداد ١٣: ٢٥٢.
(2) لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب العامري، أبو عقيل، من الشعراء المخضرمين، أدرك الإسلام، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله في وفد بني كلاب فأسلموا ورجعوا إلى بلادهم، ثم قدم لبيد الكوفة ومات بها في زمن معاوية بن أبي سفيان، وهو ابن مائة وسبع وخمسين سنة، أنظر الشعر والشعراء: 148.
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 » »»