رسالة في معنى المولى - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٥
واحدا.
فأما ما دفعت به حكايتنا عن حسان بمذهبه المشهور، فليس بشئ يعتمد عليه، وذلك أنه لا يمتنع عندي وعندك، بل عند كل أهل العقل أن يعتقد الإنسان مذهبا في وقت، ثم ينصرف عنه إلى غيره في وقت آخر، ويظهر قولا في زمان، ثم يظهر ضده في زمان آخر، وهو قول حسان المتضمن للشهادة على إمامة علي عليه السلام بخبر الغدير بعينه عند القول، وذلك أن الرواية جاءت بأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما سمع منه في أخيه أمير المؤمنين عليه السلام أن يقول شعرا، فأذن له فقال ذلك الشعر، وليس بمنكر أن يؤثر الدنيا بعده، ويرغب عن الآخرة فيمدح أعداءه ويذمه هو بعد أن مدحه.
وقد كان زياد بن مرجانة (1) بلا خلاف بين الأمة من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام، ومن أشد الناس حبا له وولاية في الظاهر، ثم آل أمره إلى التشيع لعثمان والاغراق في مدحه، وذم أمير المؤمنين عليه السلام والاغراق في سبه، فما ينكر أن يكون حال حسان كحاله، ولا يستحيل

(١) قال الذهبي: زياد بن أبيه، الأمير. لا تعرف له صحبة، مع أنه ولد عام الهجرة، قال ابن حبان في الضعفاء " ظاهر أحواله المعصية، وقد أجمع أهل العلم على ترك الاحتجاج بمن كان كذلك ". وقال ابن عساكر: لم ير النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم في عهد أبي بكر، وولي العراق لمعاوية.
وكان زياد كاتبا للمغيرة بن شعبة، ثم لأبي موسى الأشعري أيام إمرته على البصرة، ولاه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إمرة فارس ولما استشهد عليه السلام امتنع زياد على معاوية، وتحصن في قلاع فارس، وألحقه معاوية بنسبه سنة ٤٤ هجرية، فقدم زياد عليه، فكان زياد عضده الأقوى. ميزان الاعتدال ٢: ٨٦، الأعلام ٣:
٥٣
.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»