رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد - ج ٤ - الصفحة ١٢
ولم يزل ذلك حاله إلى أن طلب من النجاشي - وهو ملك الحبشة - أن يخفر أصحابه من قريش ثم أخرجهم إليه واستتر عليه وآله السلام خائفا على دمه في الشعب ثلاث سنين، ثم هرب من مكة بعد موت عمه أبي طالب مستخفيا بهربه، وأقام في الغار ثلاثة أيام ثم هاجر عليه وآله والسلام إلى المدينة ورأى النهي منه للقيام واستنفر أصحابه وهم يومئذ ثلاثمائة وبضعة عشر، ولقي بهم ألف رجل من أهل بدر، ورفع التقية عن نفسه إذ ذاك.
ثم حضر المدينة متوجها إلى العمرة، فبايع تحت الشجرة بيعة الرضوان على، الموت، ثم بدا له عليه وآله السلام فصالح قريشا و رجع عن العمرة ونحر هديه في مكانه، وبدا له من القتال، وكتب بينه وبين قريش كتابا سألوه فيه محو (بسم الله الرحمن الرحيم) فأجابهم إلى ذلك، و دعوا إلى محو اسمه من النبوة في الكتاب لاطلاعهم إلى ذلك، فاقترحوا عليه أن يرد رجلا مسلما إليهم حتى يرجع إلى الكفر أو يتركوه فأجابهم إلى ذلك هذا وقد ظهر عليهم في الحرب (4)

4 - خرج رسول الله صلى الله عليه وآله في ذي القعدة من عام ست هجرية معتمرا لا يريد حربا، وقد استنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليعلم الجميع أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت.
وعندما بلغ عسفان لقيه بسر (أو بشر) بن سفيان الكعبي وأخبره بخروج قريش واستعدادهم لمنازلة المسلمين ومنعهم من دخول مكة، فاضطر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى تغيير مسيره نحو الحديبية، فلما رأت قريش تحول مسير المسلمين ركضوا راجعين نحو مكة.
وبعد ذلك أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله رسلهم لترى لأي أمر قدم وما هي بغيته، وأراد صلى الله عليه وآله أن يوضح الأمر لسادات قريش في مكة فطلب من عمر الذهاب لكنه امتنع من ذلك خوفا من قريش، فأرسل بدله عثمان بن أبي عفان إلى أبي سفيان، فاحتبسته قريش عن العودة، وشاع أن قريش قتلته، عندها دعا رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قتال القوم، فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فأنزل الله فيها قرآنا.
إلا أن قريش بعثت سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في طلب الصلع فصالحهم.
أنظر: تأريخ الطبري 2: 620، السيرة النبوية (لابن كثير) 3: 312، السيرة النبوية (لابن هشام) 3: 321، التفسير العظيم (لابن كثير) 4: 200
(١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 » »»