رسائل في الغيبة - الشيخ المفيد - ج ٤ - الصفحة ١١
على التكذيب له والشتم والضرب وصنوف الأذى، حتى انتهى أمره إلى أن ألقوا على ظهره صلى الله عليه والله وهو راكع السلى (1) وكانوا يرضخون قدميه بالأحجار، ويلقاه السفيه من أهل مكة فيشتمه في وجهه ويحثو فيه التراب، ويضيق عليه أحيانا، ويبلغ أعداؤه في الأذى بضروب النكال، وعذبوا أصحابه أنواع العذاب، وفتنوا (2) كثير ا منهم حتى رجعوا عن الاسلام، وكان المسلمون يسألونه الإذن لهم في سل السيف ومباينة الأعداء فيمنعهم عن ذلك، ويكفهم، ويأمرهم بالصبر على الأذى.
وروي: أن عمر بن الخطاب لما أظهر الاسلام سل سيفه بمكة وقال: لا يعبد الله سرا، فزجره رسول الله صلى الله عليه وآله عن ذلك. وقال له عبد الرحمن بن عوف الزهري: لو تركنا رسول الله صلى الله عليه وآله لأخذ كل رجل بيده رجلين إلى جنب رجل منهم فقتله. فنهاه النبي صلى الله عليه وآله عما قال (3).

١ - السلى: الجلف الرقيق الذي يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه، وقيل: هو في الماشية السلى، وفي الناس المشيمة.
لسان العرب ١٤: ٣٩٦ ٢ - في نسخة " ق ": ونفوا.
٣ - تروي كتب التأريخ أن عمر بن الخطاب عندما أعلن عن إسلامه شهر سيفه وقاتل قريشا رغم تأكيد النبي صلى الله عليه والله له ولأصحابه بضرورة التكتم في إسلامهم وعلم الاصطدام مع قريش، والغريب في الأمر أن عمر أعرض عن ذلك الأمر صفحا وكأنه يريد أن يظهر للناس وللمسلمين بأنه أجرأ المسلمين، وأعزهم شأنا، والأغرب من ذلك أنه امتنع عن مراجعة قريش بعد ذلك عند توجه رسول الله صلى الله عليه ر الله نحو مكة عام الحديبية زائرا لا يريد قتالا وأراد أن يبعث من يبلغ أشراف قريش ذلك، حيث قال (وكما ذكرته المصادر المتعددة): يا رسول الله إني أخاف قريشا على نفسي...
أنظر: السيرة النبوية (لابن كثير) ٢: ٣٢ و ٣: ٣١٨، السيرة النبوية (لابن هشام) ١: ٣٧٤، الكامل في التاريخ (لابن الأثير) ٢: ٨٦، تفسير القرآن العظيم (لابن كثير) 4: 200، التفسير الكبير (للرازي) 26: 54
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 » »»