المسائل العكبرية - الشيخ المفيد - الصفحة ٢٧
أو قصدا، على ما يظنه جماعة ضلوا عن السبيل في معنى إرادة الله عز اسمه، وإنما يفيد إيقاع الفعل الذي يذهب الرجس، وهو العصمة في الذين أو التوفيق 1 للطاعة التي يقرب العبد بها من رب العالمين 2. وليس يقتضي إلا ذهاب للرجس وجوده (2 ظ) من قبل كما ظنة السائل، بل قد يذهب بما كان موجودا ويذهب بما لم يحصل له وجود، للمنع منه. والإذهاب عبارة عن الصرف، وقد يصرف عن الانسان ما لم يعتره، كما يصرف ما اعتراه. ألا ترى أنه يقال في الدعاء: " صرف الله عنك السوء "، فيقصد إلى المسألة منه تعالى عصمته من السوء، دون أن يراد بذلك، الخبر عن سوء به، والمسألة في صرفه (عنه) 3.
وإذا كان الإذهاب والصرف بمعنى واحد فقد بطل ما توهمه السائل فيه، وثبت أنه قد يذهب بالرجس عمن لم يعتره قط الرجس على معنى العصمة له (منه) 3 والتوفيق لما يبعده من حصوله به. فكان تقدير الآية حينئذ: إنما يذهب الله عنكم الرجس الذي (قد) 3 اعترى سواكم بعصمتكم منه، ويطهركم أهل البيت من تعلقه بكم 4، على ما بيناه.
وأما القول بأن أشباحهم عليهم السلام قديمة فهو منكر لا يطلق. والقديم في الحقيقة هو الله تعالى الواحد الذي لم يزل. وكل ما سواه محدث مصنوع مبتدأ له أول. والقول بأنهم لم يزلوا طاهرين قديمي الأشباح قبل آدم 5 كالأول في الخطأ.
ولا يقال لبشر إنه لم يزل قديما.
1 - سائر النسخ: والتوفيق.
2 - روى الحافظ القندوزي الحنفي عن الحسن بن علي - سلام الله عليهما أنه قال في خطبته. إنا أهل بيت أكرمنا الله، واختارنا واصطفانا، وأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا. (ينابيع المودة 576).
3 - أثبتناه عن سائر النسخ.
4 - ويؤيد هذا المعنى ما ورد في زيارة الجامعة الكبيرة - التي علمها الإمام علي بن محمد الهادي عليهما السلام موسى بن عبد الله النخعي -: عصمكم الله من الزلل، وآمنكم من الفتن. وطهركم من الدنس، وأذهب عنكم الرجس " وطهركم تطهيرا. (فرائد السمطين في فضائل المرتضى والبتول والسبطين 2 / 181).
5 - رض، مل، مر + عليه السلام.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»