الهداية الكبرى - الحسين بن حمدان الخصيبي - الصفحة ٣١٨
واضربوا بالملاهي وغنوا واشربوا وشرب المتوكل فقال للخادم هاته في كأس خمر وادفعه إليه واقبل المتوكل على أبي الحسن وقال قد سمعت مأمون الايمان وأنابها أسألك ان تشرب هذا الكاس فقال له أبو الحسن استغفر الله من الشيطان الرجيم فأخاف الله وأخشاه فاني لا ابدل طاعتك في معصية الله فغضب المتوكل غضبا شديدا ثم قال يا أبا الحسن أطلقت لك سفك دمك ودم أهلك ومواليك بالرامي حتى أجعلكم نسيا منسيا فقال له أبو الحسن لا غير ولم يجب بغيظ وأتى بالسيف فقال أبو الحسن: هات الكاس والسيف بيده ليعلوه به فطرح السيف من يده وناوله الكاس بيده الأخرى فاخذه أبو الحسن وهو يقول الا من اكره وقلبه مطمئن بالايمان ثم شرب الكاس ونهض فضحك المتوكل وقال للخادم هلمه واسق فارس بن ماهويه فاخذ فارس الكاس فشربه وخرج مع أبي الحسن فقال المتوكل لا يسير ابن عمي في هذا المطر إلا راكبا فقدموا إليه الطيارة ليفعلوا ذلك فجلس (عليه السلام) ومعه فارس فلما سار الطيار كشف أبو الحسن استاره وأمر فارس فعل مثل ذلك فقال له يا فارس ورأسه مدلى على الماء فانظر إلى الكاس الذي شربته انا ثم مجه من فيه في الماء فإذا هو يجري مع الطيار لا يختلط بالماء ولا ينقطع فقال له خذه يا فارس بيدك واشتمه وذقه فمد فارس يده واخذه من الماء واشتمه وذاقه فوجده عسلا ومسكا فقال له: خله من يدك فخلاه فقال له: مج مع الماء ما شربت أنت فمج فارس في الماء فسار مع الطيار ولم ينقطع ولم يختلط بالماء فقال خذ بيدك وأشتمه فاخذه بيده واشتمه فقال له ما هو قال يا مولاي خمرا قال له ويحك يا فارس حين لم تستأذننا بلسانك ولا بطرفك ما تناجينا بقلبك فيعصمه منه كما عصمت انا فكان هذا أول ما أنكره على فارس.
وعنه عن أحمد بن مالك القمي، عن فارس بن ماهويه، قال: بعث المتوكل إلى سيدنا أبي الحسن (عليه السلام) ان اركب وأخرج معنا إلى الصيد لنشاركك فقال للرسول قل له اني راكب فلما خرج الرسول قال
(٣١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 323 ... » »»
الفهرست