عليه: أوصيكم بتقوى الله الذي لا يستغني عنه العباد، فإن من رغب بالتقوى هدي في الدنيا، واعلموا أن الموت سبيل العالمين ومصير الباقين، يختطف (1) المقيمين لا يعجزه (2) لحاق الهاربين، يهدم كل لذة ويزيل كل نعمة وتقشع (3) كل بهجة، والدنيا دار الفناء ولأهلها منها الجلاء، وهي خلوة (4) خضرة تجلب (5) للطالب، فارتحلوا عنها رحمكم الله (6) بخير ما يحضركم من الزاد، ولا تطلبوا منها ما كثر (7) من البلاغ، ولا تمدوا أعينكم فيها إلى ما متع به المترفون، ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واخلولقت وآذن (8) بوداع، ألا وإن الآخرة قد رحلت (9) وأقبلت باطلاع.
معاشر الناس كأني على الحوض أنظر ما يرد علي منكم، وسيؤخر أناس دوني فأقول: يا رب مني ومن أمتي. فيقال: هل شعرت بما