وقد كان مما استجد للناس من علم في هذا العصر، ما ضجت به وسائل الإعلام في العالم كله باسم الاستنساخ. وكان لابد من بيان حكم الشرع فيه، بعد عرض تفاصيله من قبل نخبة من خبراء المسلمين وعلمائهم في هذا المجال.
تعريف الاستنساخ:
من المعلوم أن سنة الله في الخلق أن ينشأ المخلوق البشري من اجتماع نطفتين اثنتين تشتمل نواة كل منهما على عدد من الصبغيات (الكروموسومات) يبلغ نصف عدد الصبيغات التي في الخلايا الجسدية للإنسان. فإذا اتحدت نطفة الأب (الزوج) التي تسمى الحيوان المنوي بنطفة الأم (الزوجة) التي تسمى البييضة تحولتا معا إلى نطفة أمشاج أو لقيحة، تشتمل على حقيبة وراثية كاملة، وتمتلك طاقة التكاثر. فإذا انغرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقا مكتملا بإذن الله. وهي في مسيرتها تلك تتضاعف فتصير خليتين متماثلتين فأربعا فثمانيا.. ثم تواصل تضاعفها حتى تبلغ مرحلة تبدأ عندها بالتمايز والتخصص. فإذا انشطرت إحدى خلايا اللقيحة في مرحلة ما قبل التمايز إلى شطرين متماثلين تولد منهما توأمان متماثلان. وقد أمكن في الحيوان إجراء فصل اصطناعي لأمثال هذه اللقائح، فتولدت منها توائم متماثلة. ولم يبلغ بعد عن حدوث مثل ذلك في الإنسان. وقد عد ذلك نوعا من الاستنساخ أو التنسيل، لأنه يولد نسخا أو نسائل متماثلة، وأطلق عليه اسم الاستنساخ بالتشطير.
وثمة طريقة أخرى لاستنساخ مخلوق كامل، تقوم على أخذ الحقيبة الوراثية الكاملة على شكل نواة من خلية من الخلايا الجسدية، وإيداعها في خلية بييضة منزوعة النواة، فتتألف بذلك لقيحة تشتمل على حقيبة وراثية كاملة، وهي في الوقت نفسه تمتلك طاقة التكاثر. فإذا غرست في رحم الأم تنامت وتكاملت وولدت مخلوقا مكتملا بإذن الله. وهذا النمط من الاستنساخ الذي يعرف باسم ((النقل النووي)) أو ((الإحلال النووي للخلية البييضية)) وهو الذي يفهم من كلمة الاستنساخ إذا أطلقت وهو الذي حدث في النعجة ((دوللي)). على أن هذا المخلوق الجديد ليس نسخة طبق الأصل، لأن بييضة الأم المنزوعة النواة تظل مشتملة على بقايا نووية في الجزء الذي يحيط بالنواة المنزوعة. ولهذه