الأسرة وقضايا الزواج - الدكتور علي القائمي - الصفحة ١٤٢
ولو كانت الحياة المشتركة عقدا غير قابل للفسخ إلى الأبد فإن حالة النزاع المستمرة وغياب الانسجام سوف يحول الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق، وعندها سوف يجد أحد الطرفين نفسه محطما تعصب بآماله وأحلامه رياح الزمن فتبددها هنا وهناك وستحيله إلى إنسان خاو خال من العاطفة والإحساس، وقد تتصاعد حدة الاختلاف والتوتر إلى موت أحد الطرفين عمدا أو خطأ أو بطيئا، مما يوسع من دائرة الألم لتتعدى محيط الأسرة إلى المعارف والأقرباء، حيث تبقى آثار ذلك مدة من الزمن.
هواجس الطلاق:
قد يكون الطلاق في بدايته حلا جذريا للعديد من المشاكل الزوجية، ولكن الطلاق ينطوي على شرور ومآس لا يمكن إسقاطها من الحساب.
إن اعتبار الطلاق حلا مثاليا هو خطأ كبير يرتكبه العديد من الأزواج حتى بعد إقدامهم على الزواج مرة أخرى. وقد أشار مسح ميداني أجري على مئة حالة طلاق اعتبر الغالبية فيها الطلاق أكبر خطأ ارتكبوه في حياتهم وأكد أكثرهم أيضا على أنهم شعروا بالارتياح قد خامرهم في الأيام الأولى من الطلاق ولكن سرعان ما تبدد ذلك ليحل محله شعور عميق بالندم، ذلك أن الطلاق لم يحل المشكلة أبدا حتى مع تجدد زواجهم.
وساوس الانفصال:
وبعد أن يتم الطلاق ويفترق الزوجان تبدأ مراجعة النفس، ويبدأ تأنيب الضمير والتفكير في العوامل التي أدت إلى انهيار ذلك البناء، وفي أولئك الذين حولوا الأسرة إلى مجرد أنقاض، وعندها تصب اللعنات تلو اللعنات على الذين وسوسوا لهما بذلك وحببوه إليهما.
حتى أولئك الذين اندفعوا لحماية الزوجة أو الزوج ومن نوايا حسنة، لن يسلموا من تحمل المسؤولية وتحسين الطلاق في ذهن المرأة أو الرجل، خاصة إذا كانت الحالة في زيجة عمرها شهور فقط، فالشباب مهما بلغوا من النضج ليست لديهم التجربة الكافية، فلا ينبغي لأي كان أن يتدخل في
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»