المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ٤١
رجل جنى جناية فقال ولي الجناية هو عبدك فقال الرجل هو وديعة عندي لفلان أو عارية أو إجارة أو رهن فان أقام على ذلك بينة أخر الامر فيه حتى يقدم الغائب فإن لم يقم بينه خوطب بالدفع أو الفداء وقال زفر هو مختار للفداء بمجرد قوله لأنه زعم أنه لا سبيل له على دفعه فيجعل به مقوما للدفع مختارا للفداء كما لو أعتقه ولكنا نقول هو بكلامه يزعم أنه ليس بخصم في هذه الجناية أصلا واختياره يبنى على كونه خصما فإذا ثبت بالبينة انه ليس بخصم فيه صار اثبات ذلك بالبينة كالاثبات بالمعاينة وإن لم يقم بينة على ذلك فهو الخصم باعتبار ظهور يده فيه وهو متمكن من دفعه فيخاطب بالدفع أو الفداء ولا معنى لجعله مختارا مع بقاء تمكنه من الدفع بالجناية فان فداه ثم قدم الغائب أخذ عبده بغير شئ لان ذا اليد أقر بذلك له وقد اتصل تصديقه بذلك الاقرار وقد كان ذو اليد متبرعا في هذا الفداء فإنه ما كان مجبرا عليه فلا يرجع بشئ منه على المقر له وإن كان دفعه فالغائب بالخيار ان شاء أمضى ذلك وان شاء أخذ العبد ودفع الأرش لان تصديقه اتصل بذلك الاقرار فيثبت الملك ويتبين انه كان له الخيار فان أمضى دفعه كان ذلك بمنزلة اختيار الدفع منه ابتداء وان اختار الأرش فله أن يأخذ عبده وان أنكر الغائب أن يكون العبد له فما صنع الأول فيه من شئ فهو جائز لان الاقرار بطل بتكذيب المقر له وإذا كان عبد في يدي رجل وهو مقر بأنه عبده أو لم يقر ولم ينكر فأقر عليه بجناية خطأ ثم أقر انه لرجل آخر وانه لم يملكه قط وصدقة الرجل فالعبد له لان الجناية الثابتة عليه باقرار المولى لا تكون أقوى من الثابتة بالمعاينة وذلك لا يمنع المولى من التصرف فيه والاقرار بالملك لغيره ثم إن كذبه المقر له في الجناية فهو مختار للأرش لان الجناية ثبتت على العبد باقرار ذي اليد عليه بها ثم صار متلفا العبد باقراره بالملك فيه لغيره فيجعل ذلك بمنزلة تمليكه منه بالبيع وذلك اختيار منه للفداء فهذا مثله إذا كان ذو اليد اقرانه عبده قبل اقراره بالجناية عليه أو بعد ذلك قبل اقراره لهذا الرجل وإن لم يكن ادعاه لنفسه قبل اقراره لهذا الرجل فلا شئ عليه ولا على العبد من الجناية لان المقر ما أتلف شيئا على أحد وأنما أقر على ملك غيره بالجناية واقراره على ملك الغير لا يلزمه شيئا وهذا بخلاف ما إذا أثبتت الجناية عليه ببينة لان هناك ذو اليد قد صار مخاطبا بالدفع وثبتت الجناية على العبد بما هو حجة في حق الكل فإذا حوله باقراره إلى المقر له خوطب بما كان يخاطب به المقر وهاهنا باقرار ذي اليد ما ثبتت به الجناية على العبد في حق المقر له فلهذا لا يخاطب بشئ قال وإذا جنى العبد
(٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 ... » »»
الفهرست