المبسوط - السرخسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٦
يعلموا لان أمره في فنائه معتبر فان عند أبي يوسف ومحمد له ان يحفر في فنائه إذا كأن لا يضر بالمارة وليس لاحد أن يمنعه من ذلك وعند أبي حنيفة يحل له ذلك فيما بينه وبين ربه ما لم يمنعه مانع وهذا لان الفناء اسم لموضع اختص صاحب الملك بالانتفاع به من حيث كسر الحطب وايقاف الدواب والقاء الكناسة فيه فكان أمره معتبرا في الحل وانتقل فعل الآمر إليه بهذا الامر فيصير كأنه فعل ذلك بنفسه وان سقطت فيه دابة فعطبت فضمانه في ماله لان العاقلة لا تعقل المال وإنما تعقل العاقلة النفوس من الأحرار والمماليك بدليل حالة الخطأ وإذا وقع فيها انسان متعمدا للسقوط فيها فلا ضمان على الحافر لأنه أوقع نفسه فيها ولو أوقعه غيره لم يكن على الحافر شئ وهذا لان وضعه القدم على ذلك الموضع مع علمه تعد منه ومباشرة فعل القاء النفس في المهلكة وإنما يضاف الحكم إلى الشرط إذا تعذر اضافته إلى السبب فأما مع امكان الإضافة إلى السبب فلا يضاف إلى الشرط قال وإذا استأجر الرجل أربعة رهط يحفرون له بئرا فوقعت عليهم من حفرهم فقتلت واحدا منهم فعلى كل واحد من الثلاثة الباقين ربع ديته وسقط الربع وكذلك لو كانوا أعوانا له لأنه إنما سقط عليهم ما سقط بفعلهم فكانوا مباشرين لسبب الاتلاف والقتيل أحد المباشرين فتوزع الدية عليهم ويسقط منه حصة القتيل بجنايته على نفسه ويبقى حصة الثلاثة بجنايتهم عليه والأصل ما روى أن عشرة نفر مدوا الحلة فسقطت على أحدهم فقتلته فقضى علي رضي الله عنه على كل واحد من التسعة بعشر الدية وأسقط العشر حصة المقتول وعن الشعبي أن عليا رضي الله عنه قضى في القارصة والواقصة والقامصة بالدية أثلاثا وتفسير ذلك أن ثلاث جوار كن يلعبن فركبت إحداهن صاحبتها فقرصت الثالثة المركوبة فقمصت المركوبة ووقعت الراكبة فاندقت عنقها فقضى علي رضي الله عنه بثلث الدية على القارصة وبالثلث على الغامصة وأسقط الثلث حصة الواقصة وإن كان الذي يحفر بئرا في فنائه فضمان ما يقع فيها على الحافر ولو كان في غير فنائه فالضمان في رقبة العبد يدفع به أو يفدى ولم يفضل هاهنا بين أن يكون العبد عالما بذلك أو غير عالم بخلاف الحر والفرق هناك لمعنى الغرور ولا غرور بين العبد وسيده فان قرار الضمان في الفصلين على السيد فلهذا جعل فعل عبده بأمره كفعله بنفسه وإذا حفر بئرا في الطريق ثم جاء آخر فحفر منها طائفة في أسفلها ثم وقع فيها انسان فمات فإنه ينبغي في القياس أن يضمن الأول كأنه الدافع وبه يأخذ محمد لان الأول بما حفر من وجه الأرض يصير كالدافع لمن سقط في
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست