فجلعنا الرمي من الأجنبي عمدا محضا فاما إذا أخذه فذبحه فليس هاهنا شبهة الخطأ بوجه والدليل عليه ان القصاص يجب على الابن بقتل أبيه فكذلك على الأب بقتل ابنه لان في القصاص معنى المساواة ومن ضرورة كون أحدهما مساويا للآخر أن يكون الآخر مساويا له وحجتنا في ذلك قوله عليه السلام لا يقاد الوالد بولده ولا السيد بعبده وقضى عمر بن الخطاب رضى الله في من قتل ابنه عمدا بالدية في ماله ومنهم من استدل بقوله عليه السلام أنت ومالك لا بيك فظاهر هذه الإضافة يوجب كون الولد مملوكا لأبيه ثم حقيقة الملك تمنع وجوب القصاص كالمولى إذا قتل عبده فكذلك شبهة الملك باعتبار الظاهر وكان ينبغي باعتبار هذا الظاهر أن لا يلزمه الحد إذا زنا بها ولكن تركنا القياس في حكم الحد لان الحد محض حق الله تعالى وهو جزاء على ارتكاب ما هو حرام محض وبإضافة الولد إلى الوالد تزداد معنى الحرمة فلا يسقط الحد به ولهذا سقط الحد عنه إذا وطئ جارية الابن لان إضافة الجارية إليه بالملكية وحقيقة الملك فيها توجب الحل بظاهر الإضافة ويوجب شبهة أيضا فاما حقيقة الملك في محل الحرمة لا يورث الحل فالإضافة لا تورث الشبهة * يوضحه ان الملك كما يبيح الوطئ يبيح الاقدام على القتل فان ولى الدم لما ملك نفس من عليه في حكم القصاص كان له أن يستوفى فالإضافة إليه بالملكية توجب شبهة في الفصلين فأما الملك في محل الحرمة فلا يوجب حل الوطئ فلا يصير شبهة في اسقاط الحد والمعنى في المسألة ان القصاص يجب للمقتول أو لوليه علي سبيل الخلافة عنه والابن ليس من أهل أن يستوجب ذلك على أبيه وبدون الأهلية لا يثبت الحكم وبيان ذلك أنه ليس للابن أن يقتل أباه شرعا بحال ابتداء سواء كان مشركا أو مرتدا أو زانيا وهو محض لان الأب كان سبب ايجاد الولد فلا يجوز للولد أن يكتسب سبب افنائه وفى وجوب القود عليه اتلاف حكما والمقصود منه الاستيفاء دون الوجوب بعينه وهذا لأنه مأمور شرعا بالاحسان إليهما قال الله تعالى ووصينا الانسان بوالديه حسنا وعليه أن يصاحبهما بالمعروف وان كانا مشركين لقوله تعالى وان جاهداك علي أن تشرك بي وليس القتل من الاحسان والمصاحبة بالمعروف في شئ فكل ذلك ثبت للوالد عليه شرعا ليعرف العاقل بحق الوالد عظيم حق الله تعالى فان الوالدين كانا سببين لوجوده وتربيته والله تعالى هو الخالق الرازق على الحقيقة فيعرف العاقل بهذا ان مراعاة حق الله أوجب عليه وإذا ثبت انه لا يجب القصاص علي الوالد بقتل الولد ثبت انه لا يجب
(٩١)