المبسوط - السرخسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٢٦
المساواة لما فيه من اعتبار المساواة في الفعل والمقصود بالفعل يجب اعتباره الا إذا تعذر وتعذره أن يكون صورة الفعل بخلاف المشروع بأن يكون حراما أو أن لا يحصل القتل به فحينئذ يجعل ما يكون متمما له فيما هو المقصود ويكون الثاني متمما للأول (ألا ترى) أن من قطع يد انسان خطأ ثم قتله لم يلزمه الا دية واحدة وجعل الفعل الثاني تتميما للأول * وحجتنا في ذلك ظاهر قوله عليه الصلاة والسلام لا قود الا بالسيف وهو تنصيص على نفى استيفاء القود بغير السيف والمعنى فيه أنه قتل مستحق شرعا فيستوفى بالسيف كقتل المرتد وهذا لأنه إنما يستوفى المستحق بالطريق الذي يتيقن انه طريق له وحز الرقبة يتيقن بأنه طريق استيفاء القتل فاما قطع اليد فلا يكون طريقا لذلك الا بشرط وهو السراية وذلك لضعف الطبيعة عن دفع أثر الجراحة ولا يعرف ذلك عند القتل وما يتعلق بالشرط لا يكون ثابتا قبل الشرط فقبل السراية هذا الفعل غير القتل فلا يكون مشروعا فضلا عن أن يكون مستحقا وصورة الفعل غير مقصودة وإنما المقصود ازهاق الروح عرفا لمعنى الانتقام واستحقاق القتل شرعا فيجب مراعاة ذلك المقصود ولا يقال لا يقمع الناس في الابتداء من أن يكون هذا الفعل مؤثرا في تحصيل المقصود ما لم يبرأ منه لأنه وان كأن لا يقمع الناس عن ذلك فإنه يؤدى إلى تأخير تحصيل المقصود وكمالا يجوز ابطال مقصود صاحب الحق لا يجوز تأخيره ثم هذا اعتبار معادلة توقعنا في الظلم في الانتهاء لأنه إذا تراخت يده تحز رقبته والفعل الثاني بعد البرء لا يكون اتماما للأول بدليل الخطأ فيؤدى إلى الزيادة على ما كان منه وإلى المثلة وذلك حرام فان قيل بأي طريق تسقط حرمة ذبح القاتل ولم يوجد مه فعل في مذبح المقتول قلنا بالطريق الذي يسقط عندكم حرمة مذبحه إذا تراخت يده وهو استحقاق القتل عليه وذلك موجود قبل قطع اليد وتأويل الحديث ما بينا والذي روى أنه قضى بالقصاص شاذ لا يعتمد عليه أو قاله الراوي بناء علي ما وقع عنده انه كان بطريق القصاص وفي الحقيقة إنما كان ذلك بطريق السياسة وان اجتمع رهط على قتل رجل بالسلاح فعليهم فيه القصاص بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قضى بذلك وهو استحسان والقياس أن لا يلزمهم القصاص وقد ذكر في كتاب الاقرار لان المعتبر في القصاص المساواة لما في الزيادة من الظلم على المتعدى ولما في النقصان من البخس بحق المتعدى عليه ولا مساواة بين العشرة والواحد وهذا شئ يعلم ببداهة العقول فالواحد من العشرة يكون مثلا للواحد فيكف تكون العشرة مثلا للواحد
(١٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 ... » »»
الفهرست