المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٨٠
الرهن لم يصح عزله بدون رضا المرتهن لأنه ثبت في ضمنه عقد لازم وهو نظير الوكيل بالخصومة بالتماس الخصم إذا أراد الموكل بغير محضر منه الخصم لم يصح ذلك عليه لدفع الضرر عنه فهذا مثله ولو مات العدل بطل تسلطه على البيع لان ذلك كان يتأتى باعتبار رأيه ولم يتعين بعد موته والرهن على ماله لان الرهن لو كان في يد المرتهن فمات لم يبطل العقد به فلان يبطل بموت العدل أولى قال وإذا أوصى العدل ببيعه لم يجز كما لو وكل ببيعه في حياته وهذا لان الراهن رضى برأيه ولم يرض برأي غيره وكذلك لو أراد وارث العدل بيعه لم يجز لان الوارث إنما يخلف المورث فيما هو حق المورث وهذا حق الراهن والمرتهن وهما رضيا برأي العدل وما رضيا برأي وارثه فان أجمع الراهن والمرتهن على وضعه على يد غيره أو على يد المرتهن جاز لان الحق انهما رأيا ما يعتبر في حقهما كما في الابتداء وان اختلفا فجعل القاضي منهما عدلا فوضعه على يديه فذلك جائز لان القاضي منصوب لقطع الخصومة والمنازعة وطريق قطعها هنا أن يقيم عدلا آخر مقام الأول وكذلك أن وضعه على يد المرتهن وجعله عدلا فيه فهو جائز لان ما يرى القاضي المصلحة فيه عند اختلافهما بمنزلة تراضيهما عند الاتفاق عليه ولو لم يمت العدل ومات الراهن كان للأول أن يبيعه بخلاف الوكالة إذا مات الموكل قبل بيع الوكيل لان موت الموكل كعزله وبعد العزل في الوكالة ليس للوكيل أن يبيع وللعدل أن يبيع كما بينا فكذلك بعد الموت وهذا لأنه بموت الوكيل تنتقل العين إلى الوارث ولم يوجد منه الرضا ببيعه وهنا المرتهن أحق بالعين بعد موت الراهن كما كان في حياته فكان للعدل أن يبيعه لحق المرتهن قال وإذا باع العدل الرهن وقضى المال المرتهن ثم وجد بالعبد عيبا فالخصم فيه هو العدل لان الرد بالعيب من حقوق العقد فيتعلق بالعاقد فإذا رد عليه ثمنه فإنه يضمن الثمن لأنه هو القابض للثمن من المشترى فعليه رده ويرجع به على المرتهن لأنه لو كان الثمن في يديه ولم يدفعه إلى المرتهن لرجع فيه ويكون أحق به فكذلك بعد الدفع إليه يرجع به عليه وهذا لان منفعة عمله حصلت له فيستحق الرجوع عليه بما يلحقه منه العهدة ويكون الرهن رهنا على حاله الأولى يبيعه العدل لان البيع الأول قد بطل فكأنه لم يكن أصلا ولو لم تقم بينة على العيب ولكن العدل أقر به فإن كان عيبا لا يحدث مثله فكذلك هذا لأنا أثبتنا أن العيب كان موجودا قبل البيع وإنما لم يستقل العدل بالانكار لعلمه أن ذلك قدح في عدالته ولا تمنعه وإن كان عيبا يحدث مثله فلم يقر به ولكن أبى أن يحلف حتى رده القاضي عليه
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»
الفهرست