المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٥٩
على بقية ماله الذي في يده قضيت له به لأنه لما وجد البينة فقد تمكن من استرداد العين وزال المعنى الذي لأجله كان في حكم المستهلك وتصحيح الصلح بطريق الاسقاط إنما يكون في المستهلك لا في حقهما فلهذا لا يشاركه فيما قبضه ولكنه على حجته مع الغاصب ولو أن رجلين ادعيا في دار دعوى ميراثا عن أبيهما فصالح رب الدار أحدهما على مال لم يشركه الآخر فيه أن كان المصالح منكرا أو مقرا لأنهما يتصادقان على أن المدعى ملكهما وان البائع لنصيبه وتصادقهما يكون حجة في حقهما ثم ذكر بعض مسائل الاكراه وأن الاكراه عند أبي حنيفة رحمه الله لا يكون الا من السلطان وعندهما يكون من كل متغلب يقدر على ايقاع ما هدده به والصلح في حكم الاكراه كالبيع فإنه يعتمد تمام الرضا كالبيع وكما أن الاكراه بالجنس والمقيد بعدم الرضا في البيع فكذلك في الصلح ولو أن قوما دخلوا على رجل بيتا نهارا أو ليلا فهددوه وشهروا عليه السلاح حتى صالح رجلا عن دعواه على شئ فهذا الصلح ينبغي أن يجوز في قياس قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه ليس بسطان والاكراه عنده لا يتحقق الا من السلطان وكذلك لو أكرهوه على الاقرار فاقراره جائز عنده وعندهما ان كانوا شهروا عليه السلاح لم يجز صلحه واقراره لأنه صار خائفا التلف على نفسه والسلاح مما لا يلبث وان كانوا لم يشهروا عليه السلاح وضربوه وتوعدوه فإن كان ذلك نهارا في المصر فالصلح جائز لأنه يستغيث بالناس فيلحقه الغوث في المصر بالنهار قبل أن يأتوا على أحد فالضرب بغير السلاح مما لا يلبث عادة وإن كان ذلك ليلا في المصر أو كان في الطريق غير السفر أو دارا لم يجز الصلح والاقرار لان اللبث بعيد فصار خائفا التلف علي نفسه وكذلك إذا كان في بستان لا يقدر فيه على الناس فهو والمناداة فيه سواء وكذلك الغوث وعلى هذا لو أن الزوج هو الذي أكره في ذلك انتصافه في الصداق لان الزوج ليس بسلطان فلا معتبر باكراهه عند أبي حنيفة رحمه الله وعندهما المعتبر خوفهما التلف كما ذكرنا قال ولو توعدها بالطلاق أو بالتزويج عليها أو بالتسري لم يكن ذلك اكراها لأنه ما هددها بفعل متلف أو مؤلم بدنها إنما يغمها بذلك والاكراه بهذا القدر لا يتحقق وذكر في الأصل إذا كان المدعى رجلين فأكره السلطان المدعي عليه على صلح أحدهما فصالحهما جميعا لم يجز صلحه مع من أكره على الصلح معه وجاز مع الآخر لأنه أنشأ الصلح مع كل واحد منهما ابتداء وهو راض بالصلح مع أحدهما غير راض به مع الآخر لأجل الاكراه وهذا بخلاف ما لو أجبره على أن يقر لأحدهما
(٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 ... » »»
الفهرست