المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٥٢
يشارك صاحبه فيما قبض فهذا مثله ولو أعتق نصراني عبدا نصرانيا على خمر ثم أسلم أحدهما فعليه قيمة نفسه في قول أبي حنيفة رحمه الله الآخر وهو قول أبى يوسف رحمه الله وفي القول الأول وهو قول محمد رحمهما الله عليه قيمة الخمر وهذا بناء على مسألة كتاب البيوع إذا أعتق عبده على جاريه فاستحقت الجارية أو هلكت قبل التسليم لان هنا تعذر تسليم الخمر باسلام أحدهما بعد صحة التسمية فهو بمنزلة ما لو تعذر بالهلاك أو الاستخلاف والرد بالعيب قال وكذلك الخلع والنكاح والصلح عن دم العمد وقد بينا هذا في كتاب النكاح ان عند أبي يوسف رحمه الله إذا أسلم أحدهما فله مهر مثلها وعند محمد رحمه الله لها قيمة الخمر والخنزير وأبو حنيفة رحمه الله يفرق بين العين والدين والخمر والخنزير ولو أسلم نصراني خمرا إلى نصراني في حنطة وقبض الخمر ثم أسلم أحدهما لم ينتقض السلم لان الاسلام طرأ بعد قبض الحرام وإنما بقي من حكم العقد قبض الحنطة والإسلام لا يمنع من ذلك ولو صالح المسلم منهما على رأس ماله لم يجز لان رأس المال خمر والمسلم ليس من أهل أن يملك الخمر بالعقد ولا بالفسخ (ألا ترى) أن نصرانيا لو باع نصرانيا جارية بخمر وتقابضا ثم أسلم أحدهما ثم تعاملا لم يجز فكذلك في السلم إذا صالحا على رأس المال وهذا كما لا يتملك المسلم الخمر بالعقد والفسخ لا يملك قيمتها وبه فارق ما لو هلك رأس المال ثم صالحه عليه لان هناك تصحيح الإقالة على قيمتها ممكن وانها مال متقوم في حقه وهنا يتعذر تصحيح الإقالة على قيمتها لان الخمر ليست بمال متقوم في حق المسلم وإذا أسلم نصراني إلى نصراني خنزيرا في خمر وقبض الخنزير واستهلكه ثم أسلم أحدهما انتقض السلم لان الحرام مملوك بالعقد غير مقبوض حين طرأ الاسلام وعليه قيمة الخنزير لان ليس من ذوات الأمثال وحين استهلكه كان هو مالا متقوما في حقهما فيحول حكم رأس المال إلى قيمته (ألا ترى) أنهما لو تقايلا قبل الاسلام وجب رد قيمة الخنزير وكذلك إذا أسلم أحدهما حين انتقض به السلم بخلاف الأول فان الخمر من ذوات الأمثال ولو استهلكها ثم تقايلا قبل الاسلام كان الواجب الرد مثل تلك الخمر والإسلام يمنع استحقاق تلك أو قيمتها بالإقالة للمسلم وإذا صالح الكفيل بالسلم الطالب من السلم على ثوب والسلم حنطة لم يجز لان رب السلم بهذا الصلح يصير مملكا الحنطة من الكفيل بالثوب وإذا كان تمليك المسلم فيه من المسلم إليه بعوض لا يجوز فمن غيره أولى ثم هذا على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ظاهر لأنه لو صالح الكفيل على رأس
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست