المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٤٤
القبض المستحق بالعقد فالابراء عن المسلم فيه يصح بالاتفاق وهذا المعنى موجود في الاستبدال برأس المال بعد الإقالة فيكون ذلك فاسدا شرعا فإن كان رأس مال السلم عوضا فصالح عليه ثم هلك قبل أن يقبضه فعلى السلم فيه قيمته لان الإقالة لا تنقض بهلاك رأس المال قبل الفسخ فان إقالة السلم بعد ما صح لا تحتمل الفسخ لان المسلم فيه كان دينا وقد سقط بالإقالة والساقط متلاش لا يتصور عوده ولهذا لو أراد فسخ الإقالة لم يملكها ولو اختلفا في رأس المال بعد الإقالة لم يتخالفا فإذا ثبت أن الإقالة باقية بعد هلاك العوض قلنا تعذر رد العين مع بقاء السبب الموجب للرد فتجب قيمته كالمغصوب وكذلك لو هلك قبل أن يتناقض السلم لان مالا يمنع بقاء الإقالة لا يمنع ابتداء الإقالة وهذا لان السلم في حكم بيع المعاوضة فان المسلم فيه بيع وهو قائم بمحله بعد هلاك رأس المال وهلاك أحد العوضين في المعاوضة لا يمنع الإقالة ابتداء وبقاء فإن كان للسلم كفيل يبرأ الكفيل حين وقع الصلح على رأس المال لان الأصيل برئ عن المسلم فيه لأنه لو كان بدلا عنه لم تصح الإقالة فان مبادلة الدين بالدين حرام لكنه دين اخر لزم الأصيل ولم يكفل به الكفيل ولا يجوز الصلح من السلم على جنس آخر سوى رأس المال لأنه استبدال بالمسلم فيه وذلك فاسد والأصل فيه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أسلمت في شئ فلا تصرفه في غيره ولو كان السلم كر حنطة فصالحه منه على نصف كر حنطة على أن أبراه مما بقي جاز لان هذا حط ولا ابراء عن جميع المسلم فيه صحيح في ظاهر الرواية لأنه دين لا يستحق قبضه في المجلس وقد بيناه في البيوع فكذلك الابراء عن بعضه وكذلك لو كان السلم كر حنطة جيدة فصالحه على كر ردئ إلى شهر لان رب السلم تبرع بالتأجيل بعد ما حل حقه وتجوز بدون حقه أيضا وذلك مندوب إليه قال صلى الله عليه وسلم لصاحب الدين أحسن إلى الشريك ولو كان السلم كر حنطة رديئة فصالحه على كر جيدة على أن يزيده رب السلم درهما في رأس المال لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله وجاز في قول أبى يوسف رحمه الله إذا نقده الدراهم قبل أن يتفرقا وقد بينا هذه الفصول في كتاب البيوع في الحط والزيادة في المكيل والموزون والمذروع إلا أن قول أبى يوسف رحمه الله لم يذكر في كتاب البيوع وإنما ذكر هنا فأما المسائل فهي التي ذكرناها في البيوع أعادها هنا ولو كان المسلم فيه كر حنطة إلى أجل والثمن دراهم أو شئ بغير عينه فاصطلحا على أن زاده الذي عليه السلام نصف كر
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»
الفهرست