المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ٣٧
على حاله أما في قوله لا حاجة في الاجل فإنه غير مسقط للأجل لان الانسان قد يكون حقه قائما وإن كان هو لا يحتاج إليه فاظهاره الاستغناء عنه لا يكون اسقاطا للأجل ومعنى قوله لا حاجة لي في الاجل أنى قادر على أداء المال في الحال وبقدرته على الأداء لا يسقط الاجل وقوله قد برئت من الاجل بمنزلة قوله أبرأت الطالب منه وذلك لغو فان الاجل حق المطلوب من حيث إنه يؤخر المطالبة عنه ولكن لا يستوجب به شيئا في ذمة الطالب فابراء الطالب وليس له في ذمة الطالب شئ يكون لغوا بخلاف قوله أبطلت الاجل فذلك اسقاط مه لحقه وتصرف منه في المال الذي في ذمته بجعله حالا وليس يتصرف في ذمة الطالب بشئ فلهذا كان صحيحا ولو ادعى عليه ألف درهم فأنكرها ثم صالحه على أن باعه بها عبدا فهو جائز وهذا اقرار منه بالدين بخلاف قوله فصالحتك منها وقد تقدم بيان هذا الفرق أن البيع لفظ خاص بتمليك مال بمال فاقدام المدعى عليه على البيع يكون اقرار منه انه يملكه العبد بالمال الذي عليه وذلك اقرار منه بالمال فأما الصلح فتمليك المال بإزاء اسقاط الدعوى والخصومة فلا يكون اقرارا حتى لو قال صالحتك من حقك على أن لك هذا العبد كان اقرارا بحقه أيضا ولو صالحه من الدين على عبد وهو مقر به وقبضه لم يكن له أن يبعه مرابحة على الدين والصلح مخالف للبيع يعنى لو اشترى بالدين العبد كان له أن يبعه مرابحة لان مبنى الشراء على الاستقصاء فلا يتمكن فيه شبهة التجوز بدون الحق ومبنى الصلح على الاغماض والتجوز بدون الحق فيتمكن فيه شبهة الحط وبيع المرابحة مبنى على الاحتياط والشبهة فيما هو مبنى على الاحتياط يعمل عمل الحقيقة ولو ادعى على رجل كر حنطة قرضا فجحده فصالحه فضولي على أنه اشتراه منه بتصييره دراهم ونقدها إياه كان الصلح باطلا لأن الشراء تمليك مال بمال فيصير المصالح مشتريا الدين من غير من عليه الدين وذلك باطل ولو لم يشره ولكن صالحه منه على عشرة دراهم ودفعها إليه فهو جائز لأنه التزم المال عوضا عن اسقاط المدعي حقه قبل المدعى عليه وذلك صحيح وإنما أوردنا هذه الفصول لايضاح الفرق بين لفظ البيع ولفظ الصلح وإذا كان لرجلين على رجل ألف درهم من ثمن مبيع حال فأخر أحدهما حصته لم يجز ذلك في قول أبي حنيفة رحمته الله وجاز في قول أبى يوسف ومحمد رحمهما الله ويأخذ الآخر حصته ولا يشاركه المؤخر في المقبوض حتى يمضى الاجل فحينئذ يكون له أن يشارك القابض في المقبوض وجه قولهما أن المؤخر تصرف في خالص نصيبه ولا ضرر على شريكه
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»
الفهرست