المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٨٤
واستدامة اليد عليه بحكم الرهن لا بالفداء ثم في ظاهر الرواية قال هذه الحاجة له عند غيبة الراهن فما عند حضرة الراهن فهو متمكن من استطلاع دائنه والمطالبة بالمساعدة معه اما على الفداء أو الدفع وفى حال غيبة الراهن يعجز عن ذلك فيكون محتاجا إلى الفداء فلهذا لم يكن في الفداء متطوعا عند حاجته إليه وهو بمنزلة أحد المشتريين إذا قضى البائع جميع الثمن والآخر غائب لا يكون متطوعا في نصيب صحابه بخلاف ما إذا كان حاضرا وعلى الرواية الأخرى يقول في حال غيبة الراهن لا حاجة له إلى الفداء لان المجني عليه لا يخاطبه بالدفع ولا يتمكن من أخذ العبد منه ما لم يحضر الراهن فيكون متبرعا في الفداء فاما في حال حضرة الراهن فالمجبني عليه يخاطب بالدفع أو الفداء ولا يتوصل المرتهن إلى استدامة يده الا بالفداء فلا يكون متبرعا فيه كصاحب العلو إذا بنى السفل ثم بني عليه علوه متبرعا في حق صاحب السفل فهذا مثله وإذا كانت الأمة رهنا بألف وقيمتها الف فولدت ولدا يساوى ألفا ثم جنى الولد على الراهن أو على ملكه فلا شئ في ذلك لان الولد ملك الراهن وهو بمنزلة الأمانة في يد المرتهن وجناية الأمانة على المالك وعلى ملكه هدر ولو جنى على المرتهن لم يكن بد من أن يدفع أو يفدى لان جناية الإماتة على الأمين كجنايتها على أجنبي آخر فان دفع لم يبطل من الدين شئ بمنزلة ما لو مات وان اختار الفداء كان على الراهن نصف الفداء لان الولد جزء من أجزاء الأم فجنايته على المرتهن كجناية الأم وكذلك لو جنى على أجنبي فالفداء عليهما بمنزلة الأم وهذا لان الدين انقسم على قيمة الأم وقيمة الولد نصفين فنصف الولد مشغول بالدين (ألا ترى) أن الأم لو ماتت لم يسقط بهلاكها الا نصف الدين فالفداء في جناية المشغول بالدين يكون على المرتهن وفى جناية الفارغ من الدين على الراهن وإذا كان العبد رهنا بألف وقيمته الألف فاستهلك مالا لرجل فذلك دين في عنقه يباع فيه ويستوفى صاحب المال ماله لان حق المرتهن في الرهن لا يكون أقوى من ملك المالك ثم حق المتلف عليه في ثمنه مقدم على حق المالك فكذلك يكون مقدما على حق المرتهن وإذا استوفى صاحب المال ماله كان ما بقي للمرتهن فإن كان ماله قد حل اقتضاه لأنه من جنس حقه وإن لم يكن كان رهنا مكان الأول لحصته حتى يحل فيأخذه والزيادة على ذلك من حق المرتهن قد سقطت لفوات المالية في ضمانه وإن كان الرهن عبدا يساوى ألفا بألف ففقأ عيني عبد يساوى مائة فدفع الرهن وأخذ العبد أعمى فهو رهن بألف يفتك بها شاء الراهن أو أبى لأنه قائم مقام العبد المرهون حين دفع
(١٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 » »»
الفهرست