المبسوط - السرخسي - ج ٢١ - الصفحة ١٠٣
ظاهرة للصغير بخلاف الوصي وهنا لان الأب غير متهم باعزاز نفسه على الولد والوصي متهم بذلك وكذلك لو رهنه الأب من عبد تاجر له ليس عليه دين لان أكثر ما فيه أنه بمنزلة الرهن من نفسه وكسب عبده ملك له وهو يملك ذلك لما ذكر في الأصل في بيان الصك الذي يكتبه الأب إذا رهن مال نفسه من الصبي انى استقرضته من مالي كذا فأنفقته في حاجتي وفى هذا اللفظ دليل على أن للأب ولاية الاقراض في مال ولده لان معاملته مع غيره أقرب إلى النفوذ منه مع نفسه فإذا جاز له أن يستقرض مال ولده لنفسه فلان يجوز له اقراضه من غيره أولى * والحاصل أن الوصي لا يقرض على اليتيم ولا يستقرض لأنه تبرع وفى الأب روايتان وفى الرواية الظاهرة يقول لا يملك الاقراض لأنه تبرع وليس للصغير فيه منفعة ظاهرة وفى هذه الرواية إشارة إلى أن للأب ذلك لأنه غير متهم في حق ولده والظاهر أن لا يقرضه الا ممن يملك الاسترداد منه متى شاء فهو بمنزلة القاضي في ذلك وللقاضي ولاية الاقراض في مال اليتيم لتمكنه من الاسترداد متى شاء فكذلك الأب له ذلك وإذا رهن الأب فباع ابنه الصغير عند رجل فأدرك الولد ومات الأب لم يكن للولد أن يسترد الرهن حتى يقضى المال لأنه تصرف لزم من الأب في حال لقيام ولايته وهو في ذلك قائم مقام الولد أن لو كان بالغا فإن كان الأب رهنه لنفسه فقضاء الابن فإنه يرجع به في مال الأب بمنزلة المعير للرهن إذا قضى الدين وهذا لأنه لا يتوصل إلى عين ماله الا بقضاء الدين فلم يكن متهما في ذلك وإذا رهن الأب متاعا لولده بمال أخذه لنفسه ولولده الصغير فهو جائز لأنه لما ملك أن يرهن بدين أحدهم على الانفراد فكذلك بدينهما بخلاف ما إذا رهن عينا مشتركه بين ابنه الكبير والصغير فان ذلك لا يجوز ما لم يسلم الكبير لأنه لا ولاية له على الكبير في رهن نصيبه ونصيب الصغير شائع فلا يمكن تصحيح الرهن في شئ منه فان هلك الرهن ضمن الأب حصته من ذلك للولد لأنه بهلاك الرهن فصار قاضيا دين الصغير ودين نفسه بمال الصغير فيضمن الصغير حصته من ذلك والوصي في ذلك كالأب بعد موته وكذلك الجد أبو الأب إذا لم يكن له وصى لأنه قام مقام الأب في التصرف بحكم الولاية إلا أن الأب يملك أن يرهن مال أحد الصغيرين من الآخر والوصي لا يملك ذلك على قياس الرهن من نفسه وقد بينا الفرق بينهما في ذلك والله أعلم بالصواب
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»
الفهرست