لم يبيعه مرابحة عند أبي حنيفة أصلا) لأنه رجع إليه مثل ما غرم فيه فلم يبق له فيه رأس المال ليبيعه مرابحة عليه ولو كان اشتراه بعشرة ثم باعه بوصيف أو بدابة ثم اشتراه بعشرة كان له ان يبيعه مرابحة على عشرة لان ما عاد إليه ليس من جنس ما غرم فيه فلا يمكن طرحه الا باعتبار القيمة ولا مدخل لذلك في بيع المرابحة ولان الربح لا يظهر ما لم يعد إليه رأس ماله وإذا كان ما عاد إليه من عين جنس ما غرم فيه لا يظهر ربحه فيه فلهذا كان له أن يبيعه مرابحة على الثمن الثاني. وإذا اشترى نصف عبد بمائة درهم واشترى آخر نصفه بمائتي درهم ثم باعاه مرابحة أو وضيعة أو تولية فالثمن بينهما أثلاثا بخلاف ما لو باعه مساومة فان في بيع المساومة المسمى بمقابلة الملك ولهذا يستوي فيه المشترى والموهوب وملكهما في العبد سواء بخلاف المرابحة والوضيعة والتولية فان الثمن الثاني مبنى على الأول في هذه العقود لان التولية تمليك لما ملك والوصيفة بنقصان شئ يسمى عما ملكت به والمرابحة بزيادة معدومة على ما ملكت به ولهذا اختصت هذه العقود بالمشترى دون الموهوب فإذا أثبت أن الثمن الثاني مبنى على الثمن الأول وقد كان الثمن الأول أثلاثا فيقسم الثمن الثاني بينهما كذلك والأصل في جواز هذه العقود ما روى أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه اشترى بعيرين عند قصد الهجرة (فقال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم ولني أحدهما (فقال) هو لك بغير شئ (فقال) صلوات الله عليه أما بغير شئ فلا. قال (وإذا أنفق على عبده في تعليم عمل من الاعمال دراهم لم يلحقه برأس المال) لأنه ليس فيه عرف ظاهر. وكذلك الشعر والغناء العربية وأجر تعليم القرآن والحساب حتى لو كان في شئ من ذلك عرف ظاهر في موضع بالحاقه برأس المال كان له أن يلحقه به لان زيادة المالية باعتبار معنى من المتعلم وهو الذهن والزكاء بما أنفق على المعلم فلم يكن ما أنفق موجبا زيادة في مالية العين وعلى هذا أجر الطيب والرابص والبيطار والراعي وجعل الآبق والحجام والخباز لا يلحق شئ من ذلك برأس المال لما قلنا وأما أجر سائق الغنم الذي يسوقها من بلد إلى بلد يلحق برأس المال للعرف الظاهر فيه ولان هذا بمنزلة الكراء فيما له حمل ومؤنة. وكذلك أجرة السمسار فقد جرى العرف بالحاقه برأس المال فهو كأجرة القصار وأجرة الراعي ليس نظير أجرة سائق الغنم لان الراعي لا يستحق الاجر بالنقل ولا يعمل الراعي بل يحفظ الغنم فهو كأجرة البيت الذي تحفظ فيه الغنم. وكذلك جعل الآبق ليس نظير أجر سائق الغنم لان الإباق نادر وفي الحاق شئ برأس المال العرف الظاهر
(٨٣)