المبسوط - السرخسي - ج ١٣ - الصفحة ٧١
الخيار لي لأني اشتريت ما لم أره فذكر ذلك لعثمان رضى الله تعالى عنه فقال لي الخيار لأني بعت ما لم أره فحكما جبير بن مطعم رضى الله تعالى عنه في ذلك فقضي بالخيار لطلحة رضى الله تعالى عنه فقد اتفقوا على جواز الشرط ولهذا رجع أبو حنيفة حين بلغه الحديث و (قال) لا خيار للبائع وهذا لان تمام رضاه باعتبار علمه بما يدخل في ملكه لا بما يخرج عن ملكه والمبيع يخرج عن ملك البائع وإنما يدخل في ملكه الثمن وهو طريق اعلامه التسمية دون الرؤية. فاما إذا كان البائع قد رأى المعقود عليه ولم يره المشترى فهو على الخلاف الذي قلنا وبعد العقد قبل الرؤية للمشترى أن يفسخ العقد لان تمكنه من الفسخ باعتبار أن العقد غير لازم وما لم يتم الرضا به لا يكون العقد لازما فكان له أن يفسخ العقد قبل الرؤية وليس له أن يلزم العقد قبل الرؤية لان اللزوم يعتمد تمام الرضا وإنما يتم رضاه إذا علم بالأوصاف التي هي مقصوده وإنما يصير ذلك معلوما بالرؤية وهذا بخلاف خيار العيب فان العلم بالأوصاف قبل رؤية موضع العيب يثبت على الوجه الذي اقتضاه العقد وهو صفة السلامة فإنما يثبت خيار العيب لثبوت حق المطالبة له بتسليم الجزء الفائت وذلك يحتمل الاسقاط فلهذا صح الابراء قبل رؤية العيب * يوضحه أن في الرضا قبل الرؤية هنا ابطال حكم ثبت بالنص وهو الخيار للمشترى عند رؤية المعقود عليه لأنه يراه بعد ذلك ولا خيار له وليس له في الفسخ ابطال حكم ثابت بالنص لأنه يوجد رؤية المعقود عليه خاليا عن الخيار وقد أثبت الشرع الخيار عند رؤية المعقود عليه بخلاف الفسخ قبل الرؤية لان بالفسخ خرج من أن يكون معقودا عليه فلا يوجد بعد ذلك رؤية المعقود عليه خاليا عن الخيار ثم يشترط لاسقاط الخيار هنا الرؤية التي توجب اعلام ما هو المقصود وذلك في بني آدم برؤية الوجه وفي الدواب برؤية وجهها وكفلها ومؤخرها فيما يروى عن أبي يوسف وفى الغنم يحتاج مع ذلك إلى الجنس وفيما يكون المقصود منه اللبن يحتاج إلى رؤية الضرع وفيما يعلم بالذوق والشم يحتاج إلى ذلك أيضا لان العلم بما هو المقصود إنما يحصل به فلا يسقط خياره ما لم يرض بعد العلم بما هو المقصود صريحا أو دلالة وليس للخيار في هذا وقت. لان الحديث ورد بخيار مطلق للمشترى فالتوقيت فيه زيادة على النص ولان هذا في معنى خيار العيب وذلك لا يتوقت إلا أن خيار العيب يجوز الصلح عنه على مال. بخلاف خيار الرؤية لان الحق هناك في الجزء الفائت والاصطلاح يكون على رد حصة الجزء الفائت من الثمن ولهذا لو تعذر
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 ... » »»
الفهرست