يثبت للمغرور حق الرجوع إذا كان مشروطا في عقد الضمان ولم يوجد ذلك بخلاف الصبرة فقد شرط له أن جميع الصبرة حنطة وان جميع ما في القفة عنب فإذا وجده بخلاف ما شرط كان له حق الرد لذلك فأما الحديث (قلنا) من مذهبنا انه إنما يقبل من أحاديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه مالا يخالف القياس فأما ما خالف القياس الصحيح فالقياس مقدم عليه لأنه ظهر تساهله في باب الرواية وقد رد ابن عباس رضى الله تعالى عنهما بعض رواياته بالقياس نحو حديث الوضوء من حمل الجنازة فقال أيلزمنا الوضوء عن حمل عيدان يابسة ونحو الوضوء مما مسته النار حيث (قال) لو توضأت بما سخن كنت أتوضأ منه وهذا الحديث مخالف للكتاب والسنة والأصول من وجوه (أحدهما) ان ضمان المتلفات يتقدر بالمثل بالكتاب والسنة وفيما لا مثل له بالقيمة فإن كان اللبن من ذوات الأمثال فالواجب المثل والقول قول من عليه في بيان المقدار وإن لم يكن من ذوات الأمثال فالواجب هو القيمة فاما ايجاب التمر مكان اللبن مخالف لما ثبت بالكتاب والسنة وفيه تسوية بين قليل اللبن وكثيره فيما يجب مكانه وهذا مخالف للأصول لان الأصل انه إذا قل المتلف قل الضمان وإذا كثر المتلف كثر الضمان وهنا الواجب صاع من التمر قل اللبن أو كثر وهو مخالف للأصول من وجه آخر من حيث إن فيه توقيت خيار العيب فوجب رده لذلك ثم يحمله عن تأويل وان بعد للتحرز عن الرد فنقول يحتمل انه اشتراها على أنها عزيزة اللبن فكان العقد فاسدا بالشرط فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم بردها مع ما حلب من لبنها لان المشتراة شراء فاسدا ترد بزوائدها وقد كان المشترى أكل اللبن فدعاهما إلى الصلح ورد مكان اللبن صاعا من تمر بطريق الصلح فظن الراوي أنه ألزمه ذلك وقد يقع مثل هذا لمن قل فهمه من الرواة ولهذا لم يرو الحديث أحد من كبار الصحابة المشهورين بالفقه رضوان الله تعالى عليهم. قال (وبلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل رجلا من الأنصار بالخيار في كل بيع يشتريه بثلاثة أيام) واسم هذا الرجل حبان ابن منقد وأبوه منقد بن عمر فالاختلاف في اسمه روى الحديث باللفظ الذي ذكرنا وقد كان يعين في البياعات لمأمومة أصابت رأسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بايعت فقل لا خلابة ولى الخيار ثلاثة أيام وكان ألثغ باللام فكأن يقول لا حزابة ففي الحديث دليل جواز البيع مع شرط الخيار والقياس يأبى ذلك لان شرط الخيار تعلق العقد وعقود المعاوضات لا تحتمل التعليق
(٤٠)