ذلك في العطية وقال الله تعالى فان طبن لحكم عن شئ منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا وإباحة الأكل بطريق الهبة دليل جواز الهبة. والسنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الواهب أحق بهبته ما لم يثبت منها ولأنه من باب الاحسان واكتساب سبب التودد بين الاخوان وكل ذلك مندوب إليه بعد الايمان واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله تهادوا تحابوا * ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا وقال مالك رحمه الله تعالى يثبت لأنه عقد تمليك فلا يتوقف ثبوت الملك به علي القبض كعقد البيع بل أولى لان هناك الحاجة إلى اثبات الملك من الجانبين وهنا من جانب واحد فإذا كان مجرد القول يوجب الملك من الجانبين فمن جانب واحد أولى وحجتنا في ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تجوز الهبة الا مقبوضة معناه لا يثبت الحكم وهو الملك إذ الجواز ثابت قبل القبض بالاتفاق والصحابة رضوان الله عليهم اتفقوا على هذا فقد ذكر أقاويلهم في الكتاب ولان هذا عقد تبرع فلا يثبت الملك فيه بمجرد القبول كالوصية وتأثيره ان عقد التبرع ضعيف في نفسه ولهذا لا يتعلق به صفة اللزوم والملك الثابت للواهب كان قويا فلا يزول بالسبب الضعيف حتى ينضم إليه ما يتأيد به وهو موته في الوصية لكون الموت منافيا لملكه وتسليمه في الهبة لإزالة يده عنه بعد ايجاب عقد التمليك لغيره. ويوضحه أن له في ماله ملك العين وملك اليد فتبرعه بإزالة ملك العين بالهبة لا يوجب استحقاق ما لم يتبرع به عليه هو اليد ولو أثبتنا الملك للموهوب له قبل التسليم وجب علي الواهب تسليمه إليه وذلك يخالف موضوع التبرع بخلاف المعاوضات. والصدقة كالهبة عندنا في أنه لا يوجب الملك للمتصدق عليه الا بالقبض خلافا لمالك رحمه الله. وفى الصدقة خلاف بين الصحابة ومن بعدهم رضى الله تعالى عنهم وكان على وابن مسعود رضي الله عنهما يقولان إذا أعلمت الصدقة جازت وكان ابن عباس ومعاذ رضي الله عنهم يقولان لا تجوز الصدقة الا مقبوضة وعن شريح وإبراهيم النخعي رحمهما الله تعالى فيه روايتان ذكرهما في الكتاب فأخذنا بحديث ابن عباس رضي الله عنهما وحملنا قول على وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما على صدقة الرجل على ولده الصغير وذلك بالاعلام يتم لأنه يصير قابضا له والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك الا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت وما سوى ذلك فهو مال الوارث. فقد شرط النبي عليه الصلاة والسلام
(٤٨)