المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٣
لا يحتمل صدقة التطوع. قال (وإذا اشترى أضحية ثم باعها فاشترى مثلها فلا بأس بذلك) لان بنفس الشراء لا تتعين الأضحية قبل أن يوجبها وبعد الايجاب يجوز بيعها في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله ويكره وفى قول أبى يوسف رحمه الله لا يجوز لتعلق حق الله تعالى بعينها ولكنهما يقولان تعلق حق الله تعالى بها لا يزيل ملكه عنها ولا يعجزه عن تسليمها وجواز البيع باعتبار الملك والقدرة على التسليم ألا ترى انا نجوز بيع مال الزكاة لهذا والأصل فيه ما روى أن النبي عليه الصلاة والسلام دفع دينارا إلى حكيم بن حزام رضي الله عنه ليشترى له شاة للأضحية فاشترى شاة ثم باعها بدينارين ثم اشترى شاة بدينار وجاء بالشاة والدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال صلى الله عليه وسلم بارك الله في صفقتك أما الشاة فضح بها وأما الدينار فتصدق به فقد جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعه بعد ما اشتراها للأضحية وان كانت الثانية شرا من الأولى وقد كان أوجب الأولى فتصدق بالفضل فيما بين القيمتين أما جواز الثانية عن الأضحية فلاستجماع شرائط الجواز وأما التصدق فإنه لما أوجب الأولى فقد جعل ذلك القدر من ماله لله تعالى فلا يكون له ان يستفضل شيئا منه لنفسه فيتصدق بفضل القيمة كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حكيم بن حزام رضي الله عنه بالتصدق بالدينار ومن أصحابنا رحمهم الله من قال هذا إذا كان فقيرا أما إذا كان غنيا ممن يجب عليه الأضحية فليس عليه ان يتصدق بفضل بالقيمة لان في حق الغنى الوجوب عليه بايجاب الشرع فلا يتعين بتعيينه في هذا المحل ألا ترى أنها لو هلكت بقيت الأضحية عليه فإذا كان ما يضحى به محلا صالحا لم يلزمه شئ آخر وأما الفقير فليس عليه أضحية شرعا وإنما لزمه بالتزامه في هذا المحل بعينه ولهذا لو هلكت لم يلزمه شئ آخر فإذا استفضل لنفسه شيئا مما التزمه كان عليه أن يتصدق به. قال الشيخ الامام والأصح عندي أن الجواب فيهما سواء لان الأضحية وان كانت واجبة على الغنى في ذمته فهو متمكن من تعيين الواجب في محل فيتعين بتعيينه في هذا المحل من حيث قدر المالية لأنه تعيين مقيد وان كأن لا يتعين ممن حيث فراغ الذمة. قال (والأضحية أحب إلى من التصدق بمثل ثمنها) والمراد في أيام النحر لان الواجب التقرب بإراقة الدم ولا يحصل ذلك بالتصدق بالقيمة ففي حق الموسر الذي لزمه ذلك لا اشكال أنه لا يلزمه التصدق بقيمته وهذا لأنه لا قيمة لإراقة الدم وإقامة المتقوم مقام ما ليس بمتقوم لا تجوز وارقة الدم خالص حق الله تعالى ولا وجه للتعليل فيما هو خالص حق الله تعالى وأشرنا
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»
الفهرست