المبسوط - السرخسي - ج ١٢ - الصفحة ١٢٨
تسليمه في موضع العقد فكذلك البدل الآخر لأن العقد في حكم مكان التسليم مطلق فيقتضى المساواة بين البدلين وبأن جاز تعبيره بالشرط فذلك لا يدل على أنه غير ثابت بمطلق العقد ويجوز تعبره باشتراط الاجل والمطلق بمطلق البيع ثبت عقيب العقد ويجوز تعبيره بشرط الخيار وتوجه المطالبة بتسليم المثن ثابت بمطلق العقد عقيبه ثم يجوز تعبيره باشتراط بالأجل وأبو حنيفة يقول مكان الايفاء مجهول وجهالته تفضى إلى المنازعة فيجب التحرز عن ذلك باعلامه كزمان التسليم وإنما قلنا ذلك لان موضع الالزام إنما يتعين للتسليم بسبب يستحق به التسليم بنفس الالتزام كالقرض والغصب والاستهلاك والسلم لا يجوز الا مؤجلا فعرفنا انه لا يستحق التسليم عقيب العقد فيه بحالي وإنما استحقاق التسليم عند حلول الأجل وعند ذلك لا ندري أنه في أي مكان يكون ثم. قال (أرأيت لو عقدا عقد السلم في السفينة في لجة البحر أكان يتعين موضع العقد للتسليم عند حلول الأجل) هذا مالا يقوله عاقل والدليل عليه أن مكان العقد لو تعين لتسليم المسلم فيه لم يجز تعبيره بالشرط كمكان البيع في بيع العين فإنه لو باع حنطة في السواد على أن يسلمها في المصر لا يجوز العقد ولما أجاز هنا بيان مكان الايفاء عرفنا ان موضع العقد غير متعين له وهذا بخلاف رأس المال فإنه لما تعين مجلس العقد بتسليمه لم يجز تعبيره بالشرط ثم هناك موضع العقد غير متعين ولكن الشرط تسليم رأس المال قبل الافتراق حتى لو مشيا فرسخا ثم سلم إليه رأس المال قبل أن يفارقه كان صحيحا فأما فيما لا حمل له ولا مؤنة فلا خلاف أن بيان مكان الايفاء ليس بشرط ولكن عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله في أظهر الروايتين يجب تسليمه في موضع العقد لأنه موضع الالتزام وفى رواية أخرى عنهما يسلم إليه حيث ما لقيه وهو قول أبي حنيفة سواء بينا المكان أو لم نبين لان الشرط الذي ليس بمفيد لا يكون معتبرا والمالية فيما لاحمل له ولا مؤنه لا تختلف باختلاف الأمكنة إنما تختلف لعزة الوجود وكثرة الوجود فاما فيما له حمل ومؤنة تختلف ماليته باختلاف المكان فان الحنطة والحطب موجود في المصر والسواد جميعا ثم يشترى في المصر بأكثر مما يشترى به في السواد وما كان ذلك الا لاختلاف المكان وقد عينا أن ما يختلف مالية المسلم فيه باختلافه فاعلامه شرط لجواز العقد وهذا الخلاف في فصول أربعة (أحدها) السلم (والثاني) إذا باع عبدا بحنطة موصوفة في الذمة إلي أجل يشترط بيان مكان الايفاء لجواز العقد عند أبي حنيفة وعندهما لا يشترط بيان مكان الايفاء (والثالث) إذا استأجر
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»
الفهرست