فكان له ان يدفع الظلم عن نفسه بما يقدر عليه ألا ترى ان له ان يقتل من قدر عليه منهم وان يسرق ما استطاع من أموالهم وأولادهم بخلاف الذي دخل إليهم بأمان وإذا أسلم الحربي في دار الحرب ثم ظهر المسلمون على تلك الدار ترك له ما في يده من ماله ورقيقه وولده الصغار لان أولاده الصغار صاروا مسلمين باسلامه تبعا فلا يسترقون والمنقولات في يده حقيقة وهي يد محترمة لاسلام صاحبها فلا يتملك ذلك عليه بالاستيلاء ولأنه صار محرزا ما في يده من المال بمنعة المسلمين وذلك سبب لتقرير ملك المسلم لا ابطال ملكه يوضحه ان يده إلى أمتعته أسبق من يد المسلمين فأما عقاره فإنها تصير غنيمة للمسلمين في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى استحسن فاجعل عقاره له لأنه ملك محترم له كالمنقول واستدل بحديث الكلبي ومحمد بن إسحاق رحمهما الله تعالى ان نفرا من بني قريظة أسلموا حين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم محاصرا لهم فأحرزوا بذلك أنفسهم وأموالهم قال وعامة أموالهم الدور والأراضي ولكنا نقول هذه بقعة من بقاع دار الحرب فتصير غنيمة للمسلمين كسائر البقاع وهذا لان اليد على العقار إنما تثبت حكما ودار الحرب ليست بدار الاحكام فلا معتبر بيده فيها قبل ظهور المسلمين عليها وبعد الظهور يد الغانمين فيها أقوى من يده فلهذا كانت غنيمة بخلاف المنقولات وتأويل الحديث ان صح في المنقول دون العقار وكذلك أولاده الكبار فئ لأنهم ما صاروا مسلمين باسلامه ولا كانت له عليهم يد فهم كسائر أهل الحرب وكذلك زوجته الحبلى لأنها لا تصير مسلمة باسلام زوجها فتكون فيئا ويده عليها يد حكمية بسبب النكاح ومثله لا يمنع الاغتنام كاليد على العقار وكذلك ما في بطنها فئ عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى لا يكون فيئا لان ما في بطنها مسلم باسلام أبيه والمسلم لا يسترق أبدا كالولد المنفصل ولكنا نقول الجنين في حكم جزء من أجزاء الأم؟ وهي قد صارت فيئا بجميع أجزائها ألا ترى أنه لا يجوز أن يستثنى الجنين في اعتاق الأم كما لا يستثني سائر أجزائها وكما أن في الاعتاق لا يصير الجنين مستثنى عند اعتاق الأم بحال فكذلك في الاسترقاق لا يصير الجنين مستثني بعدما ثبت الرق في الأم وهذا لان الحكم في التبع لا يثبت ابتداء بل بثبوته في الأصل يظهر في التبع فيكون هذا في حق التبع بمنزلة بقاء الحكم والإسلام لا يمنع بقاء الرق وإن كان خرج إلى دار الاسلام ثم أسلم ثم ظهر المسلمون على الدار فأهله وماله وأولاده
(٦٦)