اقتلوا شيوخ المشركين واستحيوا شروخهم والمراد بالشيوخ البالغين وبالشروخ الاتباع من الصغار والنساء والاستحياء الاسترقاق قال الله تعالى واستحيوا نساءهم وفي وصية أبى بكر رضى لله عنه ليزيد بن أبي سفيان لا تقتل شيخا ضرعا ولا صبيا ضعيفا يعني شيخا فانيا وصغيرا لا يقاتل قال وإذا لقيتم عدوكم من المشركين فادعوهم إلى الاسلام وفى نسخ أبي حفص رضي الله عنه وإذا حاصرتم حصنا أو مدينة فادعوهم إلى الاسلام وفيه دليل أنه ينبغي للغزاة أن يبدؤا بالدعاء إلي الاسلام وهو على وجهين فإن كانوا يقاتلون قوما لم تبلغهم الدعوة فلا يحل قتالهم حتى يدعوا لقوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وقال ابن عباس رضي الله عنهما ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى دعاهم إلي لاسلام وهذا لأنهم لا يدرون على ماذا يقاتلون فربما يظنون أنهم لصوص قصدوا أموالهم ولو علموا أنهم يقاتلون على الدعاء إلى الدين ربما أجابوا وانقادوا للحق فلهذا يجب تقديم الدعوة وان كانوا قد بلغتهم الدعوة فالأحسن أن يدعوهم إلى الاسلام أيضا فالجد والمبالغة في الانذار بما ينفع وكان صلى الله عليه وسلم إذا قاتل قوما من المشركين دعاهم إلى الاسلام ثم اشتغل بالصلاة وعاد بعد الفراغ إلى القتال جدد الدعوة وان تركوا ذلك وبيتوهم فلا بأس بذلك لأنهم علموا على ماذا يقاتلون ولو اشتغلوا بالدعوة ربما تحصنوا فلا يتمكن المسلمون منهم فكان لهم أن يقاتلوهم بغير دعوة على ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسامة بن زيد رضى الله تعالى عنه أن يغير على أبني صباحا وفي رواية ابنان صباحا فان أسلموا فاقبلوا منهم وكفوا عنهم وفيه دليل أنهم إذا أظهروا الاسلام وجب الكف عنهم وقبول ذلك عنهم واليه أشار صلى الله عليه وسلم في قوله فإذا قالوها فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم وقال تعالى ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلم لست مؤمنا (قال) ادعوهم إلى التحول من ديارهم إلى دار المهاجرين وهذا في وقت كانت الهجرة فريضة وذلك قبل فتح مكة كان يفترض على كل مسلم في قبيلته أن يهاجر إلى المدينة ليتعلم أحكام الدين وينضم إلى المؤمنين في القيام بنصره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى والذين آمنوا ولم يهاجروا الآية انتسخ ذلك بعد الفتح بقوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح وإنما هو جهاد ونية وقال صلى الله عليه وسلم المهاجر من هجر السوء وهجر ما نهى الله تعالى عنه قال فان فعلوا ذلك فاقبلوا منهم وكفوا عنهم والا فأخبروهم انهم كاعراب المسلمين يجرى عليهم حكم الله الذي يجرى على المسلمين وليس لهم في الفئ ولا في الغنيمة نصيب
(٦)