المبسوط - السرخسي - ج ١٠ - الصفحة ١٥٦
في كشف العورة قيل يا رسول الله فإذا كان أحدنا خاليا فقال إن الله أحق أن يستحيى منه وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إبل الصدقة فرأى راعيها تجرد في الشمس فعزله وقال لا يعمل لنا من لاحياء له ولكن مع هذا إذا جاء العذر فلا بأس بالنظر إلى العورة لأجل الضرورة فمن ذلك أن الخاتن ينظر ذلك الموضع والخافضة كذلك تنظر لان الختان سنة وهو من جملة الفطرة في حق الرجال لا يمكن تركه وهو مكرمة في حق النساء أيضا ومن ذلك عند الولادة المرأة تنظر إلى موضع الفرج وغيره من المرأة لأنه لا بد من قابلة تقبل الولد وبدونها يخاف على الولد وقد جوز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة القابلة على الولادة فذاك دليل على أنه يباح لها النظر وكذلك ينظر الرجل إلى موضع الاحتقان عند الحاجة اما عند المرض فلان الضرورة قد تحققت والاحتقان من المداواة وقال صلى الله عليه وسلم تداووا عباد الله فان الله لم يخلق داء الا وخلق له دواء الا الهرم وقد روي عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه إذا كان به هزال فاحش وقيل له أن الحقنة تزيل ما بك من الهزال فلا بأس بأن يبدي ذلك الموضع للمحتقن وهذا صحيح فان الهزال الفاحش نوع مرض يكون آخره الدق والسل وحكي عن الشافعي رحمه الله تعالى قال إذا قيل له ان الحقنة تقويك على المجامعة فلا بأس بذلك أيضا ولكن هذا ضعيف لان الضرورة لا تتحقق بهذا وكشف العورة من غير ضرورة لمعنى الشهوة لا يجوز وإذا أصاب امرأة قرحة في موضع لا يحل للرجل ان ينظر إليه لا ينظر إليه ولكن يعلم امرأة دواءها لتداويها لان نظر الجنس إلي الجنس أخف ألا تري ان المرأة تغسل المرأة بعد موتها دون الرجل وكذلك في امرأة العنين ينظر إليها النساء فان قلن هي بكر فرق القاضي بينهما وان قلن هي ثيب فالقول قول الزوج مع يمينه والمقصود في هذا الموضع بيان إباحة النظر عند الضرورة فاما ما وراء ذلك من الفرق بين الاخبار ببكارتها وثيابتها ليس من مسائل هذا الكتاب وحاصله ان شهادتهن متى تأيدت بمؤيد كانت حجة والبكارة في النساء أصل فإذا قلن انها بكر تأيدت شهادتهن بما هو الأصل وان قلن هي ثيب تجردت شهادتهن عن مؤبد فلا بد من أن يستحلف الزوج حتى ينضم نكوله إلى شهادتهن وكذلك لو اشترى جارية على أنها بكر فقبضها وقال وجدتها ثيبا فان النساء ينظرن إليها للحاجة إلى فصل الخصومة بينهما فان قلن هي بكر فلا يمين على البائع لان شهادتهن قد تأيدت بأصل البكارة وبمقتضى البيع وهو اللزوم وان قلن هي ثيب
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست