خواطرهم، ولمعرفة مدى استيعابهم لمسائل الفقه، ووقوفهم على دقائق الشريعة وخباياها، وسيطرتهم على حل عقدها ومشاكلها.
وقد يستفاد من ذلك في معرفة حال من يدعي الفقه، أو بهت المعاندين كما خصل في قضية الإمام الجواد عليه السلام مع يحيى بن أكثم قاضي الدولة، وقد ورد في المسألة (4) من كتابنا هذا.
ويدخل في هذا الفن - أيضا - المسائل القضائية المعقدة، التي تقتضي من الفقيه دقة فائقة لحلها، كتلك التي حصلت في عهد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فقضى فيها بأقضيته الشهيرة، وقد جاء بعضها ضمن المسائل المعروضة في الكتاب [لاحظ المسألة 42 و 64] وعن الإمام الحسن المجتبى عليه السلام، في المسألة (51).
وهذه المسائل المشكلة تشبه " الألغاز " أحيانا، وتشبه ما يسمي ب " الحيل " تارة، ولعل من أجل ذلك سماها الشيخ المفيد ب " العويص من الفقه " (1).
فكلمة " العويص " هي: من " عاص " الأمر " يعوص عوصا " بمعني: التوى، فحفي وصعب، و " عاص " الكلام: خفي معناه، وصعب فهمه، فهو " عويص ".
فنجد في هذا الكتاب من المسائل ما هو من نوع الأحكام المتماثلة في الموضوع الواحد، وكذلك من الموضوعات المتناظرة في الحكم الواحد.
والشيخ المفيد قدس سره أبدى بطولة فائقة في الإجابة على هذه المسائل، وتحديد تخريجاتها الفقهية، وتعيين أبوابها، وحل معضلاتها، بما بين عن لياقته بما يتوقع من فقيه عظيم مثله، يتسنم المرجعية في عصره، ويمتاز بوسام " التجديد "