خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٣٦٧
وكان للنعمان بواب يقال له: عصام بن شهير الجرمي قال للنابغة: إن النعمان موقع بك فانطلق فهرب النابغة إلى ملوك غسان ملوك الشام فكان يمدحهم وترك النعمان فاشتد ذلك عليه وعرف أن الذي بلغه كذب. فبعث إليه: إنك لم تعتذر من سخطة إن كانت بلغتك ولكنا تغيرنا لك عن شيء مما كنا عليه ولقد كان في قومك ممتنع وحصن فتركته ثم انطلقت إلى قوم قتلوا جدي وبيني وبينهم ما قد علمت.
وكان النعمان وأبوه وجده قد أكرموا النابغة وشرفوه وأعطوه مالا عظيما. وبلغ النابغة أن النعمان ثقيل من مرض أصابه حتى أشفق عليه منه فأتاه النابغة فألقاه محمولا على رجلين ينقل) ما بين الغمر وقصوره التي بين الحيرة فقال لبوابه عصام: ألم أقسم عليك لتخبرني............. الأبيات المذكورة قال أبو عبيدة: كانت ملوك العرب إذا مرض أحدهم حملته الرجال على أكتافها يتعاقبونه لأنه عندهم أوطأ من الأرض. فعافاه الله وعفا عن النابغة.
قال حسان بن ثابت: وفدت إلى النعمان فحسدت النابغة على ثلاث لا أدري على أيتهن كنت أحسد: أعلى إدناء النعمان له بعد المباعدة ومسايرته له وإصغائه إليه أو على جودة شعره أو على مائه بعير من عصافيره أمر له بها قال أبو عبيدة: قيل لأبي عمرو: أمن مخافته امتدحه وأتاه بعد هربه منه أم لغير ذلك قال: لا لعمر الله ما لمخافته فعل إن كان إلا آمنا من أن يوجه إليه النعمان جيشا. وما كان النابغة يأكل ويشرب إلا في آنية الذهب والفضة من عطايا النعمان وأبيه وجده ولا يستعمل غير ذلك.
وقوله: ألم أقسم عليك... إلخ هو استفهام تقريري وقوله: لتخبرني جواب القسم.
وقوله: أمحمول.... إلخ خبر مقدم والهمام مبتدأ مؤخر والجملة في موضع المفعول لتخبرني.
والتحقيق أن الواقع مفعولا محذوف مضاف إلى هذا
(٣٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 362 363 364 365 366 367 368 369 370 371 372 ... » »»