والشيخ أبو زهرة يثبت ذلك بشكل أكثر وضوحا، فيقول: ظهر القصص في عهد عثمان رضي الله عنه، وكرهه الإمام علي رضي الله عنه حتى أخرج القصاصين من المساجد، لما كانوا يضعونه في أذهان الناس من خرافات وأساطير، بعضها مأخوذ من الديانات السابقة بعد أن دخلها التحريف وعراها التغيير!
قال: وقد كثر القصاص في العصر الأموي، وكان بعضه صالحا وكثير منه غير صالح، وربما كان هذه القصص هو السبب في دخول كثير من الإسرائيليات في كتب التفسير وكتب التاريخ الإسلامي..
وإن القصص في كل صوره التي ظهرت في ذلك العصر كان أفكارا غير ناضجة تلقى في المجالس المختلفة، وإن من الطبيعي أن يكون بسببها خلاف، وخصوصا إذا شايع القاص صاحب مذهب أو زعيم فكرة أو سلطان، وشايع الآخر غيره، فإن ذلك الخلاف يسري إلى العامة، وتسوء العقبى، وكثيرا ما كان يحدث ذلك في العصور الإسلامية المختلفة (1).
فلماذا لا يكون كلا الأمرين قد أرادهما تميم الداري: دخول الإسرائيليات والأساطير في التفسير والتاريخ، وظهور الخلافات والنزاعات بين المسلمين؟!
لماذا إذن فر من علي إلى معاوية؟!
والأمران اللذان أرادهما تميم، ونشط فيهما كعب الأحبار أيضا في عهد عثمان، وساهم فيهما آخرون، كلاهما قد أراد علي عليه السلام أن يقطع دابرهما، ويخيب آمال هؤلاء الذين يكيدون للإسلام وأهله كل شر،