المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٦٢
الإيمان مرادف للفظ التصديق؟ وهب أن المعنى يصح إذا استعمل في هذا الموضع، فلم قلت: إنه يوجب الترادف؟ ولو قلت: ما أنت بمسلم لنا، ما أنت بمؤمن لنا؛ صح المعنى، لكن لم قلت: إن هذا هو المراد بلفظ مؤمن؟ وإذا قال: {وأقيموا الصلاة} (1)؟ ولو قال القائل: أتموا الصلاة، ولازموا الصلاة، التزموا الصلاة، افعلوا الصلاة؛ كان المعنى صحيحا، لكن لا يدل هذا على معنى: أقيموا؛ فكون اللفظ يرادف اللفظ يراد دلالته على ذلك.
ثم يقال: ليس هو مرادفا له، وذلك من وجوه:
أحدها: أن يقال للمخبر إذا صدقته: صدقه، ولا يقال: آمنه وآمن به؛ بل يقال: آمن له، كما قال: {فآمن له لوط} (2)، وقال: {فما آمن لموسى إلا ذرية من قومه} (3)، قال فرعون: {آمنتم له قبل أن آذن لكم} (4)، وقالوا لنوح: {أنؤمن لك واتبعك الأرذلون} (5)، وقال تعالى: {قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين} (6)، {فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون} (7) وقال: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون} (8)...
الثاني: أنه ليس مرادفا للفظ التصديق في المعنى، فإن كل مخبر عن مشاهدة أو غيب يقال له في اللغة: صدقت، كما يقال: كذبت، فمن قال: السماء فوقنا؛ قيل له: صدق، كما يقال: كذب، وأما لفظ الإيمان؛ فلا

(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»