المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٢٤٠
كافر، سواء كان مكذبا أو مرتابا أو معرضا أو مستكبرا أو مترددا أو غير ذلك وإذا كان أصل الإيمان الذي هو أعظم القرب والحسنات والطاعات؛ فهو مأمور به، والكفر الذي هو أعظم الذنوب والسيئات والمعاصي ترك هذا المأمور به، سواء اقترن به فعل منهي عنه من التكذيب أو لم يقترن به شيء، بل كان تركا للإيمان فقط؛ علم أن جنس فعل المأمور به أعظم من جنس ترك المنهي عنه.
واعلم أن الكفر بعضه أغلظ من بعض؛ فالكافر المكذب أعظم جرما من الكافر غير المكذب؛ فإنه جمع بين ترك الإيمان المأمور به وبين التكذيب المنهي عنه، ومن كفر وكذب وحارب الله ورسوله والمؤمنين بيده أو لسانه أعظم جرما ممن اقتصر على مجرد الكفر والتكذيب، ومن كفر وقتل وزنا وسرق وصد وحارب كان أعظم جرما.
كما أن الإيمان بعضه أفضل من بعض، والمؤمنون فيه متفاضلون تفاضلا عظيما، وهم عند الله درجات، كما أن أولئك دركات؛ فالمقتصدون في الإيمان أفضل من ظالمي أنفسهم، والسابقون بالخيرات أفضل من المقتصدين، {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم...} (1) الآيات، {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله} (2).
وإنما ذكرنا أن أصل الإيمان مأمور به وأصل الكفر نقيضه، وهو ترك هذا الإيمان المأمور به، وهذا الوجه قاطع بين) (3)

(١) النساء: ٩٥.
(٢) التوبة: ١٩.
(3) «مجموع الفتاوى» (20 / 85 - 88).
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»