المنتخب من كتب ابن تيمية - الشيخ علوي بن عبد القادر السقاف - الصفحة ٢٢٢
فعل المباح على وجه العبادة بدعة منكرة (من المعلوم أن الدين له «أصلان»؛ فلا دين إلا ما شرع الله، ولا حرام إلا ما حرمه الله، والله تعالى عاب على المشركين أنهم حرموا ما لم يحرمه الله وشرعوا دينا لم يأذن به الله.
ولو سئل العالم عمن يعدو بين جبلين: هل يباح له ذلك؟ قال: نعم. فإذا قيل: إنه على وجه العبادة كما يسعى بين الصفا والمروة. قال: إن فعله على هذا الوجه حرام منكر، يستتاب فاعله، فإن تاب وإلا؛ قتل.
ولو سئل عن كشف الرأس، ولبس الإزار، والرداء: أفتى بأن هذا جائز، فإذا قيل: إنه يفعله على وجه الإحرام كما يحرم الحاج. قال: إن هذا حرام منكر.
ولو سئل: عمن يقوم في الشمس. قال: هذا جائز. فإذا قيل: إنه يفعله على وجه العبادة. قال: هذا منكر. كما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله (ص) رأى رجلا قائما في الشمس، فقال: «من هذا؟». قالوا: هذا أبو إسرائيل يريد أن يقوم في الشمس، ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم. فقال النبي (ص): «مروه؛ فليتكلم، وليجلس، وليستظل، وليتم صومه» (1)؛ فهذا لو فعله لراحة أو غرض مباح لم ينه عنه، لكن لما فعله على وجه العبادة نهى عنه.
وكذلك لو دخل الرجل إلى بيته من خلف البيت لم يحرم عليه ذلك، ولكن إذا فعل ذلك على أنه عبادة كما كانوا يفعلون في الجاهلية: كان أحدهم إذا أحرم لم يدخل تحت سقف؛ فنهوا عن ذلك، كما قال تعالى:

(1) رواه البخاري في (الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية الله، 6704).
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 225 227 228 229 ... » »»