فها هو يوبخ الجوجري على إيثاره الحق، ونطقه بالصدق والصواب، ويحمله على التفوه بمقالة فاسدة، وكأنه ما درى أن (الحق ينطق منصفا وعنيدا) وأنه أحق أن يتبع، والله تبارك وتعالى يقول: ﴿يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا﴾ (7).
وليس ينقضي العجب ممن يدعي الاجتهاد المطلق! ويزعم تجديده لأمر الدين على رأس المائة التاسعة أن يتكلم بهذا الباطل! وكل بني آدم يعرفون قبح العصبية وحمية الجاهلية، قال صلى الله عليه وآله وسلم:
ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية، وليس منا من مات على عصبية (8).
فكيف يؤمن هذا - وأضرابه من المتشدقين بالعلم - على دين الله؟! ولسانه دالع بما حكيناه!
وإذا كان هذا شأن إمام كبير من أئمتهم! فما ظنك بالسوقة والرعية منهم وهم يتأسون بساداتهم وكبرائهم؟! والخطب الفادح أن يسنوا لهم ذلك، ويفتحوا هذا الباب على مصراعيه.
والمسلمون بمنظر وبمسمع * لا منكر منهم ولا متفجع ولله در من قال:
أيا علماء السوء يا ملح البلد * ما يصلح الزاد إذا الملح فسد؟!
وقد أخذ الله على العلماء الأمانة وتبليغ الحق إلى الخلق، فما هذا الاغراء بالجهل والقبيح، والإرغام على هجر المذهب الصحيح، المعتضد بالنص الصريح؟!