مفاهيم القرآن (العدل والإمامة) - الشيخ جعفر السبحاني - ج ١٠ - الصفحة ٤١٩
بوضوح - أنه قد سادت على الأوساط الشيعية في هذه الظروف نزعتان مختلفتان المنحى ومتضادتا المنهج لا تجد لهما مثيلا في العصور السابقة، وهاتان النزعتان هما:
1 - النزعة العقلية البحتة التي تدفع المفسر إلى الاهتمام بالآيات الواردة في المبدأ والمعاد والأسماء والصفات وما يمت إليهما بصلة، ويضرب - في ظلها - عما سواها صفحا، ولا ينظر إليه إلا نظرة خاطفة كأن القرآن كتاب عقلي فلسفي لا يهتم إلا بالمسائل العقلية، ولا شأن له بمسائل المجتمع وما تدور عليه رحى الحياة.
2 - النزعة الأخبارية التي لا تهتم إلا بنقل الروايات وجمعها من مختلف الكتب من دون تحقيق في إسنادها ومتونها حتى ألف في هذه الظروف أكبر المجاميع الروائية حول التفسير التي لا يشذ منها من أحاديث التفسير إلا النزر اليسير.
وقد كان لهاتين النزعتين تأثير خاص في تطور التفسير في تلك العصور، ولما قضى الأستاذ الأكبر المحقق البهبهاني (المتوفى 1206 ه‍) على النزعة الأخبارية التي تتسم بالقشرية والسطحية في أواخر القرن الثاني عشر ومستهل القرن الثالث عشر عزت العناية بالتفسير الروائي وتوفرت الدوافع نحو التفسير العلمي الذي يهتم بأكثر المسائل التي يتوقف عليها فهم الآيات، فراج منهج الشيخ الطوسي في تبيانه، والطبرسي في مجمعه، خصوصا في أواخر القرن الثالث عشر ومستهل الرابع عشر.
نعم حدثت رجة عنيفة في أواسط القرن الرابع عشر ودفعت الضرورات الاجتماعية إلى تطوير المنهج التفسيري كما سيوافيك بيانه، وإليك أعلام التفسير في القرن الحادي عشر:
(٤١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 ... » »»