وقد ارتكب مثل ذلك في خراسان والري وهمدان وبلد الجبل ثم آذربيجان إلى كثير من الأقطار والأصقاع، ولم يتوقف هجومهم على فتح بغداد حتى وصل جيش العدو إلى عين جالوت وغزة في فلسطين، وكانت الأمنية الكبرى للعدو هو الاستيلاء على الشامات ثم مصر، والزحف وإن توقف بتدبير الملك الظاهر بيبرس، ولكن العدو بقي يهاجم الشام بين الحين والآخر، وهذا هو اليافعي يقول في تاريخه في حوادث سنة (702 ه):
" طرق غازان بالشام ولكن انهزم عند سور دمشق وتفرقت جيوشه، ثم جهز غازان جيوشه فساروا إلى مرج دمشق وتأخر المسلمون وبات أهل دمشق في بكاء واستغاثة بالله وخطب شديد وقدم السلطان وانضمت إليه جيوشه ". (1) وقد امتد الدمار إلى أواخر القرن الثامن، وقد أدى ذلك إلى مجزرة للمسلمين عامة والعلماء من بينهم خاصة، فأحرقت مكتباتهم، ودمرت آثارهم في ذينك القرنين، حيث ابتدأت الحروب التترية عام (616 ه)، وانتهت عام (807 ه) بموت تيمور لنگ الذي تظاهر هو بالإسلام وبعض من قبله، ولكن لم تزل القلوب مضطربة باستيلاء هؤلاء على المناطق الإسلامية.
وعلى ضوء هذا التحليل الإجمالي للوضع المأساوي في ذينك القرنين لا عجب من قلة العثور على أعلام التفسير فيهما أو قلة العناية به جراء القلاقل، حيث إن التأليف والتصنيف يتوقف على توفر الأمن والهدوء، فلا عتب علينا إذا لم نقف إلا على فئة قليلة من أعلام التفسير في هذين القرنين، ولعل الداثر أكثر من الباقي.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى لما استقرت السلطة التترية في المناطق