مجلة تراثنا - مؤسسة آل البيت - ج ٤٣ - الصفحة ٨٨
تمهيد إعلم أن السيوطي عمل رسالته المذكورة في رد كلام الشيخ شمس الدين الجوجري، الذي ادعى أن الآية وإن نزلت في أبي بكر فإنها عامة المعنى، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلذلك أخذ في النيل منه والحط عليه بما لا ينبغي سطره هنا!
وقد ذكر في الوجه الثالث من الوجوه الثلاثة الجدلية: أنه ما كان يليق بالجوجري في مثل هذه الواقعة (5) أن يفتي بأن الآية ليست خاصة بأبي بكر ولا دالة على أفضليته، فيؤيد مقالة الرافضي ويثبته على معتقده، ويدحض حجة قررها أئمة، كل فرد منهم أعلم بالتفسير والكلام وأصول الفقه من مائة ألف من مثل الجوجري!
ثم ازداد في تعنته وشططه إيغالا فقال: والله لو كان هذا القول في الآية هو المرجوح، لكان اللائق في مثل هذه الواقعة أن يفتي به، فكيف وهو الراجح؟! انتهى.
نسأل الله العافية والسلامة من الخذلان.
فانظر إلى قلة إنصاف الرجل في محاجته مع خصومه (6) واعجب!

(٥) وهي التي ذكرها في مقدمة رسالته بقوله: إن الأمير أزدمر حاجب الحجاب والأمير خاير بك وقع بينهما تنازع في أبي بكر، هل هو أفضل الصحابة؟ وإن خاير بك قائل بذلك، وإن أزدمر ينكر ذلك، وإنه طالب خاير بك بدليل من القرآن على أن أبا بكر أفضل، وإن خاير بك استدل عليه بقوله تعالى: * (وسيجنبها الأتقى) * فإنها نزلت في حق أبي بكر، وقد قال الله تعالى: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) إلى آخره!
(6) لا يخفى أن مما دعا السيوطي إلى التشنيع على الجوجري أنه كان من أصحاب الحافظ السخاوي، الذي جرت بينه وبين السيوطي من فظائع الأقوال وشنائع الأحوال ما يصك الأسماع وينفر الطباع! فراجع كتب التراجم لتقف على ما كان بينهما من التنافر والتهاجم.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»
الفهرست