منه) (28).
وفي موضع آخر من المقدمة قال: (روي أن الفيض بن المختار دخل على جعفر بن محمد - عليه السلام - فقال: جعلت فداك، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتك، فإني ربما أجلس في حلقتهم بالكوفة فأكاد أشك، فأرجع إلى المفضل فأجد عنده ما أسكن إليه. فقال أبو عبد الله: أجل، إن الناس أغروا بالكذب علينا، حتى) كأن الله - عزو جل - فرضه عليهم لا يريد منهم غيره، وإني لا حدث أحدهم الحديث فلا يخرج من عندي حتى تناوله على غير تأويله) (29).
ويروي أيضا أن الإمام الصادق - عليه السلام -: (كتب إليه أن قوما من شيعته قالوا: إن الصلاة رجل، والصوم رجل، والزكاة رجل، والحج رجل، فمن عرف ذلك الرجل فقد صلى وصام وزكى وحج، وكذلك تأولوا المحارم على أشخاص، فقال:
من كان يدين الله بهذه الصفة التي سألت عنها فهو عندي مشرك بين الشرك. واعلم أن هؤلاء القوم قوم سمعوا ما لم يقفوا على حقيقته، ولم يعرفوا حدود تلك الأشياء مقايسة برأيهم، ومنتهى عقولهم، ولم يضعوها على حدود ما أمروا به تكذيبا وافتراء على الله وعلى رسوله، وجرأة على المعاصي، والله تعالى لم يبعث نبيا يدعو إلى معرفة لبس فيها طاعة، وإنما يقبل الله - عز وجل - العمل من العباد بالفرائض التي أفرضها عليهم بعد معرفة من جاء بها من عنده. فأول ذلك معرفة من دعا إليه، وهو الله الذي لا إله إلا هو، وتوحيده، والإقرار بربوبيته، ومعرفة الرسول الذي بلغ عنه، وقبول ما جاء به، ثم معرفة الأئمة بعد الرسل الذين افترض طاعتهم في كل عصر وزمان على أهله، ثم العمل بما افترض الله - عز وجل - تحريما ظاهرا وباطنا، وإنما حرم الظاهر بالباطن، والباطن بالظاهر جميعا، والأصل والفرع كذلك) (30).