عقيدة المسلمين في المهدي عليه السلام - مؤسسة نهج البلاغة - ج ١ - الصفحة ٧٦
يوم جالسا في - الرحبة - والناس حوله مجتمعون، فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين! أنت بالمكان الذي أنزلك الله به وأبوك معذب في النار؟
فقال له علي بن أبي طالب: مه، فض الله فاك، والذي بعث محمدا بالحق نبيا لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم، أبي معذب في النار وابنه قسيم الجنة والنار؟!!
والذي بعث محمدا بالحق نبيا إن نور أبي يوم القيامة ليطفئ أنوار الخلائق كلهم إلا خمسة أنوار: نور محمد _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ونوري، ونور الحسن، ونور الحسين، ونور تسعة من ولد الحسين، فإن نوره من نورنا خلقه الله تعالى قبل أن يخلق آدم _ عليه السلام _ بألفي عام (1)

(١) احتجاج الطبرسي: ٣٤٠، البحار: ٩ / ١٥، وذكر له مصدرين هما: الاحتجاج، والثاني: أمالي ابن الشيخ بهذا السند: عن الحسين بن عبيد الله، عن هارون بن موسى، عن محمد بن همام، عن علي بن الحسين الهمداني، عن محمد بن البرقي، عن محمد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن الصادق _ عليه السلام _، عن آبائه _ عليهم السلام _... الخ.
وذكره الامام شمس الدين أبي علي فخار بن معد الموسوي في كتابه الجليل الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ١٥ فقال: وبالإسناد عن الشيخ أبي الفتح الكراجكي - رحمه الله - قال: حدثنا الشيخ الفقيه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن الحسن بن شاذان القمي - رضي الله عنه - قال: حدثني القاضي أبو الحسين محمد بن عثمان بن عبد الله النصيبي في داره، قال:
حدثنا جعفر بن محمد العلوي، قال: حدثنا عبيد الله أحمد قال: حدثنا محمد بن زياد، قال: حدثنا مفضل ابن عمر، عن جعفر بن محمد الصادق _ عليهم السلام _، عن أبيه، عن آبائه - عليهم السلام -... الخ، المناقب المائة للشيخ أبي الحسن بن شاذان، كنز الكراجكي: ٨٠، أمالي ابن الشيخ: ١٩٢، تفسير أبي الفتوح: ٤ / ٢١١، الدرجات الرفيعة، ضياء العالمين، تفسير البرهان:
٣
/ 794.
شيخ البطحاء، ورئيس مكة، وشيخ قريش، أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، عم الرسول وكافله، وأبو الأئمة (سلام الله عليهم أجمعين).
كان أبو طالب _ عليه السلام _ شيخا وسيما جسيما، عليه بهاء الملوك ووقار الحكماء، وكانت قريش تسميه: الشيخ، وكانوا يهابونه، ويخافون سطوته، وكانوا يتجنبون أذية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أيامه، فلما توفي (سلام الله عليه)، اجتروا عليه واضطر إلى الهجرة من وطنه مكة المكرمة إلى المدينة المنورة.
قيل لأكثم بن صيفي - حكيم العرب -: ممن تعلمت الحكمة والرياسة، والحلم والسيادة؟ قال: من حليف الحلم والأدب، سيد العجم والعرب، أبو طالب بن عبد المطلب.
وجرى ذات يوم كلام خشن بين معاوية بن أبي سفيان وصعصعة وابن الكواء، فقال معاوية: لولا أني أرجع إلى قول أبي طالب لقتلتكم وهو:
قابلت جهلهم حلما ومغفرة * والعفو عن قدرة ضرب من الكرم وكان (سلام الله عليه) مستودعا للوصايا فدفعها إلى رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _، وهو الذي كفله وحماه من قريش ودافع عنه.
روى عن فاطمة بنت أسد: أنه لما ظهر امارة وفاة عبد المطلب قال لأولاده:
من يكفل محمدا؟ قالوا: هو أكيس منا، فقل له يختار لنفسه، فقال عبد المطلب: يا محمد! جدك على جناح السفر إلى القيامة، أي عمومتك وعماتك تريد أن يكفلك؟ فنظر في وجوههم ثم زحف إلى عند أبي طالب، فقال له عبد المطلب:
يا أبا طالب! إني قد عرفت ديانتك وأمانتك، فكن له كما كنت له.
كانت لابي طالب _ عليه السلام _ مواقف في موازرة الرسول _ صلى الله عليه وآله وسلم _، ومقاومته المشركين، وله كثير من أمثالها في دفاعه عن محمد، وعن دين محمد، وعن قرآن محمد، وعن أتباع محمد.
فهلا يأخذك العجب بعد اطلاعك على هذا وشبهه من أقوال أبي طالب وأفعاله، ألا تستغرب بعد هذا لو سمعت بعصابة أثرت فيها الروح الأموية الخبيثة، فدفعها خبث عنصرها، ورداءة نشأتها، وجرها الحقد إلى القول بأن أبا طالب _ عليه السلام _ مات كافرا!!! وإن تعجب فعجب قولهم: أبو طالب يموت كافرا؟!!!.
أبو طالب الذي يقول:
ولقد علمت بأن دين محمد * من خير أديان البرية دينا يموت كافرا؟!!!
أبو طالب الذي يقول:
ليعلم خيار الناس أن محمدا * وزير لموسى والمسيح بن مريم أتانا بهدى مثل ما أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم يا لله ويا للعجب قائل هذا يموت كافرا؟!!!
أبو طالب الذي يقول:
ألا تعلموا أنا وجدنا محمدا * رسولا كموسى خط في أول الكتب ويقول مخاطبا رسول الله _ صلى الله عليه وآله وسلم _:
أنت النبي محمد * قرم أغر مسود وهو الذي يقول:
لقد أكرم الله النبي محمدا * فأكرم خلق الله في الناس أحمد وشق له من اسمه ليجله * فذو العرش محمود وهذا محمد ويقول:
قل لمن كان في كنانة في العز * وأهل الندى وأهل المعالي قد أتاكم من المليك رسول * فاقبلوه بصالح الاعمال ويقول:
فخير بني هاشم أحمد * رسول الاله على فترة ويقول:
إن ابن آمنة النبي محمد * عندي بمنزلة من الأولاد ويقول:
صدق ابن آمنة النبي محمد * فتميزوا غيظا به وتقطعوا إن ابن آمنة النبي محمد * سيقوم بالحق الجلي ويصدق أبو طالب الذي يقول:
يا شاهد الله علي فاشهد * آمنت بالواحد رب أحمد من ظل في الدين فإني مهتدي كل هذا وأبو طالب مات كافرا!!!
إذا كان الايمان بالتوحيد والاقرار بنبوة محمد لا تكفي في إيمان الرجل، ويكون معتقدها والمقر بها كافرا، فما هو الاسلام اذن؟!!
إذا كان الذب عن رسول الله والاعتراف بنبوته كفرا فما هو الاسلام؟
طبعا يقول لسان حال تلك العصابة في الجواب: الايمان أن تتمكن في نفسك مبادئ أبي سفيان، وتأمن بالذي يحلف به أبو سفيان، وتقول كما قال: ما من جنة ولا نار.
أسمعت هذا وبعد فهلا ترفع يدك إلى الدعاء وتقول معي: اللهم! ادخلني النار التي يقطن فيها علي بن أبي طالب، واجعلني في الضحضاح الذي فيه أبو طالب، ولا تدخلني الجنة التي يدخل فيها أبو سفيان، ومعاوية بن أبي سفيان، ويزيد بن معاوية، فسلام على تلك النار، ولعنة الله على هذه الجنة.
ولولا أبو طالب وابنه * لما مثل الدين شخصا فقاما فذاك بمكة آوى وحامي * وذاك بيثرب خاض الحماما فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
(٧٦)
مفاتيح البحث: الرسول الأكرم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله (4)، النبي آدم عليه السلام (1)، يوم القيامة (1)، علي بن أبي طالب (2)، الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام (1)، السيدة فاطمه بنت أسد أم أمير المؤمنين عليهما السلام (1)، أبو طالب عليه السلام (2)، كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب للسيد فخار بن معد (1)، كتاب أمالى الصدوق (2)، كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الكوفي (1)، معاوية بن أبي سفيان لعنهما الله (2)، الدولة الأموية (1)، كتاب الإحتجاج للطبرسي (1)، مدينة مكة المكرمة (3)، كتاب تفسير البرهان (1)، يوم عرفة (1)، المدينة المنورة (1)، علي بن الحسين الهمداني (1)، الحسين بن عبيد الله (1)، أحمد بن علي بن الحسن (1)، يزيد بن معاوية لعنهما الله (1)، جعفر بن محمد العلوي (1)، عثمان بن عبد الله (1)، بنو هاشم (1)، أكثم بن صيفي (1)، محمد بن تمام (1)، محمد بن زياد (1)، المفضل بن عمر (1)، محمد بن سنان (1)، فخار بن معد (1)، جعفر بن محمد (1)، العزّة (1)، الصدق (1)، الكرم، الكرامة (1)، الموت (3)، الشهادة (1)، الضرب (1)، الأكل (1)، الإختيار، الخيار (1)، الوفاة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 اهداء ودعاء 5
2 كلمة المؤسسة 7
3 أمير المؤمنين _ عليه السلام _ راوي السنة 14
4 كلمة حول موضوع الكتاب 15
5 * الباب الأول * الفصل الأول: اسم المهدي - عجل الله فرجه الشريف 19
6 الفصل الثاني: صفات المهدي وشمائله 25
7 الفصل الثالث: دعاء المهدي - عجل الله فرجه الشريف 35
8 الباب الثاني الفصل الأول: المهدي من قريش 39
9 الفصل الثاني: المهدي من بني هاشم 45
10 الباب الثالث الفصل الأول: المهدي _ عليه السلام _ من أهل البيت 51
11 الفصل الثاني: المهدي من ولد علي _ عليهم السلام _ 65
12 الفصل الثالث: المهدي من ولد فاطمة _ عليها السلام _ 87
13 الفصل الرابع: المهدي من ولد الحسين _ عليهم السلام _ 91
14 الفصل الخامس: المهدي - عليه السلام - من الأئمة الاثني عشر 105
15 الباب الرابع الفصل الأول: المهدي في القرآن 149
16 الباب الرابع الفصل الثاني: المهدي في نهج البلاغة 177
17 الفصل الثالث: المهدي شعر أمير المؤمنين _ عليه السلام _ 187
18 الباب الخامس الفصل الأول: أنصار المهدي _ عليه السلام _ 193
19 الفصل الثاني: الرايات السود 207
20 الباب السادس الفصل الأول: السفياني 217
21 الفصل الثاني: الدجال 231
22 الباب السابع الفصل الأول: غيبة المهدي _ عليه السلام _ 241
23 الفصل الثاني: محن الشيعة عند الغيبة 253
24 الفصل الثالث: فضيلة انتظار الفرج 263
25 الباب الثامن الفصل الأول: الفتن قبل المهدي _ عليه السلام _ 273
26 الفصل الثاني: علائم الظهور 301
27 الفصل الثالث: علائم بعد الظهور 325
28 الفصل الرابع: دابة الأرض 333
29 الفصل الخامس: يأجوج ومأجوج 339
30 الباب التاسع الفصل الأول: فضل مسجد الكوفة 343
31 الفصل الثاني: خروج رجل من أهل بيته 349
32 الفصل الثالث: حكم الأرض عند ظهور القائم _ عليه السلام _ 353
33 الفصل الرابع: حكومة الامام المهدي _ عليه السلام _ 357
34 الفصل الخامس: ختم الدين 363