فريق المتعلمين: وهؤلاء لا يهتمون بواضع العلوم ومؤسسيها، وإنما يهتمون بالعلوم نفسها، ويستوي لديهم أن يكون المؤسسون لهذه العلوم هم الشيعة وحدهم أو هم أهل السنة وحدهم، أو هؤلاء وهؤلاء.
وفريق العلماء: وهؤلاء كما يهتمون بالعلوم ذاتها، يهتمون بنشأتها ومنشئيها والأطوار التي تواردت عليها إذ أن العلوم لها نشأة كنشأة عظماء الرجال، لهذا كان لها تاريخ عظماء الرجال كذلك.
ولهؤلاء أقول: إن كتاب " الشيعة وفنون الإسلام " جهد مشكور قام به صاحبه - رضي الله عنه - مساهمة منه في المهمة المنوطة بأعناق علماء الإسلام تلكم هي التاريخ لعلوم الإسلام، وما تستتبعه من علوم أخرى، فلا ينبغي أن يقابل هذا الجهد الجبار بنظرة سطحية تعتمد على عدم المبالاة وعدم الاكتراث. لا ينبغي أن يقال مثلا: " هذه عصبية " أو " هذا تحد " أو نحو ذلك من أساليب القول التي يحتمي بها من لا يريد أن يجشم نفسه مشقة البحث والنظر.
نعم لا ينبغي أن يقال هذا ولا شئ منه، لأنه لا داعي للعصبية، ولا داعي للتحدي لأن الشيعة كأهل السنة مسلمون. واختلافهم مع أهل السنة إنما هو في مسائل لا ترتقي إلى مستوى الأصول. وإذن فهم أخوة مسلمون، وسبقهم في العلوم إنما هو كسبق الأخ لأخيه، إن أثار تنافسا وحماسا، فإنه لا يثير خصومة، ولا عداء.
وإذن فلا مناص من إحدى اثنين:
أما أن نطأطئ الرأس إجلالا واحتراما، لما بذل المؤلف من جهد، ولما انتهى إليه من نتائج