في ظلال الغدير ليس في هذا العنوان أثر لروح شاعرية أو جنوح إلى عاطفة من عواطف الخيال المقتص، أو ميل إلى ميل إلى شوارد التعبير عما يجول في الخاطر الكليل...
وإنما هي حقيقة ناصعة الوجه واليد واللسان حين نقرر أن القارئ " للغدير " يفيئ منه إلى ظل ظليل، ويلتمس عنده من راحة الاطمئنان، وحلاوة القرار، ورضى الثقة ما يجده المرء حين يأوى إلى الواحة المخضرة بعد وعثاء السفر، في بيداء واسعة المتاهات، فيجد في ظلالها أنس الاستقرار، وسلامة المقام، ودعة المصير.
وأن أكون في هذه الكلمة جانحا إلى خيال، أو محلقا في جواء من التصور الحالم، أو الوهم الهائم... ولكني سأجتاز هذا " الغدير " عابرا، مفكرا، مقلبا النظر في صفحاته الرجراجة بكل فكرة المتموجة بكل مبحث مستخرجا من أصفى لآلئه، وأكرم عناصره ما يعينني عليه تقليب النظر في شطآنه، وإطالة الفكر بين دفتيه، وكثرة الوقوف على مباحثه كما يقف ربى على الديار التي لم يبلها القدم...
ولقد بلغ الجزء الأول من " الغدير " ما حسبت معه أن الجهد قد أوفى فيه على الغاية واستشرف على نشر الكمال في صفحاته التي تساوي أيام السنة الهجرية عدا...
وقد كان يحسب العلامة المكب الدؤوب الجليل الأستاذ " عبد الحسين الأميني "