كانت هذه الآية دالة على إمامته لاحتج بها في محفل من المحافل، وليس للقوم أن يقولوا: إنه تركه للتقية، فإنهم ينقلون عنه أنه تمسك يوم الشورى بخبر الغدير وخبر المباهلة، وجميع فضائله ومناقبه، ولم يتمسك البتة بهذه الآية في إثبات إمامته . انتهى.
وأنت تعلم أن الرازي في إسناد رواية الحجاج بحديث الغدير وغيره إلى الروافض فحسب، مندفع إلى ما يتحراه بدافع العصبية، فقد عرفت إسناد الخوارزمي الحنفي عن مشايخه الأئمة الحفاظ، وهم عن مثل أبي يعلى وابن مردويه من حفاظ الحديث وأئمة النقل، كما أنا وافقناك على تصريح ابن حجر بإخراج الحافظ الدارقطني من غير غمز فيه، وإخراج الحافظ ابن عقدة، والحافظ العقيلي، وسمعت كلمة ابن أبي الحديد وحكمه باستفاضة حديث الاحتجاج وما صح منه عنده.
ومن ذلك كله تعرف قيمة ما جنح إليه السيوطي في اللآلي المصنوعة (1) ( 1 / 187) من الحكم بوضع الحديث، لمكان زافر ورجل مجهول في إسناد العقيلي، وقد أوقفناك على أسانيد ليس فيها زافر ولا مجهول، وهب أنا غاضيناه على الضعف في زافر، فهل الضعف بمجرده يحدو إلى الحكم البات بالوضع؟ كما حسبه السيوطي في جميع الموارد من لآليه، خلاف ما ذهب إليه المؤلفون في الموضوعات غيره؟ لا، وإنما هو من ضعف الرأي وقلة البصيرة، فإن أقصى ما في رواية الضعفاء عدم الاحتجاج بها وإن كان التأييد بها مما لا بأس به، على أنا نجد الحفاظ الثقات المتثبتين في النقل ربما أخرجوا عن الضعفاء لتوفر قرائن الصحة المحفوفة بخصوص الرواية أو بكتاب الرجل الخاص عندهم، فيروونها لاعتقادهم بخروجها عن حكم الضعيف العام أو لاعتقادهم بالثقة في نقل الرجل وإن كان غير مرضي في بقية أعماله، راجع صحيحي البخاري ومسلم وبقية الصحاح والمسانيد تجدها مفعمة بالرواية عن الخوارج والنواصب، وهل ذلك إلا للمزعمة التي ذكرناها؟