غاية المرام - السيد هاشم البحراني - ج ١ - الصفحة ٣٢٩
بذلك جبرائيل عن الله عز وجل وفي الموضع سلمات (1) فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن يقم ما تحتهن وينصب له أحجار كهيئة المنبر ليشرف على الناس، فتراجع الناس واحتبس أواخرهم في ذلك المكان لا يزالون، فقام رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوق تلك الأحجار (2) فقال: الحمد لله الذي علا في توحده، ودنا في تفرده، وجل في سلطانه، وعظم في أركانه، وأحاط بكل شئ علما وهو في مكانه وقهر جميع الخلق بقدرته وبرهانه، مجيدا لم يزل محمودا لا يزال، بارئ المسموكات (3) وداحي المدحوات (4) وجبار السماوات، قدوس سبوح رب الملائكة والروح، متفضل على جميع من برأه، متطول على من أدناه، يلحظ كل عين والعيون لا تراه كريم حليم ذو أناة قد وسع كل شئ رحمته، ومن عليهم بنعمته، لا يعجل بانتقامه ولا يبادر إليهم بما استحقوا من عذابه، قد فهم السرائر وعلم الضمائر، ولم تخف عليه المكنونات، ولا اشتبهت عليه الخفيات، له الإحاطة بكل شئ والغلبة على كل شئ والقوة في كل شئ، والقدرة على كل شئ، لا مثله شئ (5) وهو منشئ الشئ حين لا شئ، دائم قائم بالقسط، لا إله إلا هو العزيز الحكيم، جل عن أن تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، لا يلحق أحد وصفه من معاينة، ولا يجد أحد كيف هو من سر وعلانية إلا بما دل عز وجل على نفسه.
وأشهد بأنه الله الذي ملأ الدهر قدسه، والذي يغشي الأبد نوره، والذي ينفذ أمره بلا مشاورة مشير ولا معه شريك في تقدير، ولا تفاوت في تدبير، صور ما أبدع على غير مثال، وخلق ما خلق بلا معونة من أحد ولا تكلف ولا احتيال، أنشأها فكانت وبرأها فباتت، فهو الله الذي لا إله إلا هو المتقن الذي أحسن الصنيعة، العدل الذي لا يجور، والأكرم الذي ترجع إليه الأمور.
وأشهد أنه الذي تواضع كل شئ لقدرته، وخضع كل شئ لهيبته، مالك الأملاك، ومفلك الأفلاك، ومسخر الشمس والقمر، كل يجري لأجل مسمى، يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل يطلبه حثيثا، قاصم كل جبار عنيد، ومهلك كل شيطان مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت فيحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويؤتي، له

(1) سلم الواحدة " سلمة ": جنس شجر شائك من فصيلة القطانيات، ينمو في البلدان الحارة.
(2) في الاحتجاج: ثم حمد الله وأثنى عليه فقال:
(3) سمك الشئ: رفعه. يقال: " سمك الله السماء " أي رفعها.
(4) دحى الشئ: بسطه.
(5) في الاحتجاج: ليس مثله شئ.
(٣٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 334 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الباب الأول في أن لولا الخمسة محمد رسول الله، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين ما خلق الله آدم، ولا الجنة، ولا النار، ولا العرش، ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة و لا الانس، ولا الجن، وهم الخمسة الأشباح، وأن رسول الله، وأمير المؤمنين عليا خلقا من نور واحد وخلق ملائكة من نور وجه علي 25
2 الباب الثاني لولا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وصيه الإمام والأئمة الاحد عشر من ولده ما خلق الله تعالى الخلق، وهم من نور واحد 34
3 الباب الثالث في أن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الكعبة المشرفة 50
4 الباب الرابع في أن ميلاده (عليه السلام) في الكعبة من طريق الخاصة 52
5 الباب الخامس في نسبه عليه السلام 55
6 الباب السادس في تكنيته عليه السلام بأبي تراب 57
7 الباب السابع في تكنيته (عليه السلام) بأبي تراب 60
8 الباب الثامن في أنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وأمير البررة 62
9 الباب التاسع في أنه (عليه السلام) أمير المؤمنين وسيد المسلمين والإمام والحجة والخليفة والوصي 84
10 الباب العاشر في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثني عشر (عليهم السلام) حجج الله على خلقه 102
11 الباب الحادي عشر في أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة الاثنا عشر حجج الله على خلقه 108
12 الباب الثاني عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الإمام بعده وبنيه الأحد عشر صلوات الله عليهم بأنهم الأئمة الإثنا عشر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وخلفاؤه وأوصياؤه 118
13 الباب الثالث عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين بأنه الإمام بعده وبنيه الاحد عشر وهم الأئمة الاثنا عشر وخلفاؤه وأوصياؤه صلى الله عليه وآله 166
14 فصل في النص على أمير المؤمنين (عليه السلام) في جملة الأئمة الاثني عشر 193
15 الباب الرابع عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على علي بن أبي طالب (عليه السلام) بأنه الخليفة بعده وأن الخلفاء بعد علي (عليه السلام) بنوه الأحد عشر، وهم الأئمة الاثنا عشر والخلفاء 224
16 الباب الخامس عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين وبنيه الاحد عشر بأنهم الخلفاء والأوصياء بعده صلوات الله عليهم 244
17 الباب السادس عشر في النص على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غدير خم بالولاية المقتضية للامارة والإمامة في قوله (صلى الله عليه وآله) من كنت مولاه فعلي مولاه 268
18 الباب السابع عشر في نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية المقتضية للامارة والإمامة بغدير خم 306