وعليا - صلوات الله عليهما - كانا نورا بين يدي الله عز وجل قبل خلق الخلق بألفي عام، وأن الملائكة لما رأت ذلك النور رأت له أصلا قد تشعب منه شعاع لامع فقالت: إلهنا وسيدنا ما هذا النور؟ فأوحى الله عز وجل إليهم: هذا نور من نوري أصله نبوة وفرعه إمامة، أما النبوة فلمحمد عبدي ورسولي، وأما الإمامة فلعلي حجتي ووليي، ولولاهما ما خلقت خلقي، أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) رفع يدي علي (عليه السلام) بغدير خم حتى نظر الناس إلى بياض إبطيهما فجعله مولى المسلمين وإمامهم؟ وقد احتمل الحسن والحسين (عليهما السلام) يوم حظيرة بني النجار فلما قال له بعض أصحابه: ناولني أحدهما يا رسول الله قال: نعم الحاملان ونعم الراكبان وأبوهما خير منهما.
وروي في خبر آخر أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل الحسن وحمل جبرائيل الحسين ولهذا قال نعم الحاملان، وأنه (صلى الله عليه وآله) كان يصلي بأصحابه فأطال سجدة من سجداته فلما سلم قيل له: يا رسول الله لقد أطلت هذه السجدة فقال (صلى الله عليه وآله): إن ابني ارتحلني فكرهت أن أعجله حتى ينزل، وإنما أراد بذلك رفعهم وتشريفهم فالنبي (صلى الله عليه وآله) إمام نبي وعلي إمام ليس بنبي ولا رسول، فهو غير مطيق لحمل أثقال النبوة ".
قال محمد بن حرب الهلالي: فقلت له: زدني يا بن رسول الله فقال: " إنك لأهل للزيادة إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حمل عليا على ظهره يريد بذلك أنه أبو ولده، وإمام الأئمة من صلبه، كما حول رداءه في صلاة الاستسقاء وأراد أن يعلم أصحابه بذلك أنه قد تحول الجدب خصبا، قال: فقلت له زدني يا بن رسول الله: فقال: احتمل رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا يريد بذلك أن يعلم قومه أنه هو الذي يخفف عن ظهر رسول الله ما عليه من الدين والعداة والأداء عنه من بعده، قال: فقلت له: يا بن رسول الله زدني، فقال: إنه احتمله ليعلم بذلك أنه قد احتمله، وما حمل إلا لأنه معصوم لا يحمل وزرا فتكون أفعاله عند الناس حكمة وثوابا، وقد قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي: يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك ثم غفرها لي، وذلك قوله تعالى: * (ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر) * (1) ولما أنزل الله عز وجل عليه: * (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) * (2) قال النبي (صلى الله عليه وآله) أيها الناس عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وعلي نفسي وأخي، أطيعوا عليا فإنه مطهر معصوم لا يضل ولا يشقي، ثم تلا هذه الآية: * (قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * (3).